لُحوقُ المُفلِت بعدوٍ أو استعانة بمن يستقلّ على الاعتياد في مثله. وإذا قُلنا: مجرد الشراد لا يجعل الجَرْح في غير المذبح ذبحاً إذا كان لا يُفضي بالشارد إلى الهلاك، فلو كان يُفضي به إلى الوقوع بين ظهراني لصوص مترصدين أو غُصاب، فعلى هذا الوجه وجهان. وقد نجز الغرض في الصورتين وتمَّ ببيانهما مقصود الفصل.
فصل
قال: " ولو رمى صيداً فكسره ... إلى آخره " (?).
11559 - إذا رمى صيداً فكسره، وأَثبتَه، وأبطل امتناعه بشدة العدو، أو رمى طائراً، فكسر جناحه، فقد ملكه، ولا يتوقف ثبوت الملك فيه على الانتهاء إليه، وإثبات اليد عليه، وهذا متفق عليه بين الأصحاب.
ثم من حكمه وقد صار مُثْبَتاً أن يقال: إن انتهى إلى حركة المذبوح لمَّا أُثبت، فهو حلال، وإن كانت فيه حياة مستقرة، فينبغي أن يطلبها من أثبتها وملكها، على ما تفصّل ذلك فيما مضى، وإذا أدركه، ذَبَحه بقطع الحلقوم والمريء.
11560 - فإذا تمهّد ذلك، فلو أثبته وصار مذبوحاً، فرماهُ آخر فَرمْيُه صادف ذكياً، ويعود النظر إلى أثر هذا السّهم في جلده بالتمزيق أو ما شابه هذا، ولا معنى للتشاغل بمثل ذلك.
وإن كان في الصيد المثبَت حياةٌ مستقرة، فرمى الثاني، نُظر: فإن أصاب الحلقوم والمريء بالآلة التي رماها وقطعها (?)، فهذا ذبح على التحقيق، ولكنه جناية على ملك غيره، فنقول: كم قيمة هذا الصَّيد مثبتاً فيه حياة؟ وكم قيمتها إذا ذبحت؟ فإن كان بين القيمتين تفاوت، ألزمنا الرامي الثاني ذلك التفاوت.
وعندي أن الحيوان إذا كان لما به من الجرح ولو لم يذبح، لهلك وفات، فالذبح