بالحل، كما لو حسبه حجراً شاخصاً. هذا إذا قصد شاخصاً، فأصابه، والمسائل منوعة في ظنه.
فأمّا إذا قصد شخصاً، فأصاب ظبية، ففي حلّها خلاف مرتب على ما لو قصد ظبية، فأصاب ظبية أخرى، والتحريم هاهنا أغلب؛ من جهة أنه لم يسدّد قصده على صيد، وهذا فيه إذا قصد حجراً، فمال السهم عنه.
ولو قصد شيئاً ظنه حجراً، وكان صيداً، فمال السهم عنه إلى صيدٍ آخر، فوجهان، وهذه الصورة أولى بالحلّ من التي قبلها، ولو قصد خنزيراً، وكان خنزيراً، فمال عنه إلى ظبيةٍ، فعلى الخلاف. وهذه الصورة أولى بالتحريم، مما إذا كان المقصود حجراً، ولو ظن المقصود خنزيراً، ولم يكن خنزيراً، ومال السهم، فالخلاف جارٍ، وتفاوت الترتيب في بُدوّ جنس المقصود، ولا معنى للتطويل، وقد لاح منشأ الخلاف في إصابة المقصود في المسائل، وإذا مال السهم، فهذا في أصله مختلفٌ فيه، والمقصود صيد، ثم تختلف صور المقصود، ويقوى ويضعف القصد بحسبها، وينضم إلى ذلك ميل السهم، فترتب المسائل على حسب ضعف القصد وقوته.
11548 - ثم ما ذكرناه في الرمي، فلو أرسل كلباً أو أغراه بصيدٍ، فمال عنه إلى آخر، نُظر: فإن أخذ صوباً آخر نابياً عن مقصود المغري، وتبيّن أن الكلب انتحاه بطبعه، ولم يكن استرساله في صوبه بسبب الإغراء، فهو حرام، لا شك فيه، ويظهر الذي أردناه فيه إذا اشتد في الصوب الذي أراده المغري، ثم ثار صيدٌ آخر، فاستدبر الكلبُ الأولَ، وأعرض عنه، وتمطى في صوب صيدٍ آخر بدا له، فأما إذا أغراه على صيدٍ، وكان على السنن صيود، فقد ذكرنا التردّد في ميل السهم المسدّد على صيدٍ منه إلى غيره، وإذا فرض مثل هذا في الكلب، فالخلاف جارٍ، واختلف أصحابنا في الترتيب، فرتب الأكثرون الكلب على السهم، وجعلوا مأخوذ الكلب أولى بالتحريم، فإنه على الجملة حيوان ذو اختيار، وقَصْدُ المغري فيه ضعيف، ما لم يظهر انطياعه، فإذا فرضت مخالفة، ظهر بناء الأمر على اختيار الكلب، بخلاف السهم؛ فإنه لا اختيار له.