والذي ننجزه الآن التفصيل في القصد المرعي في الصيد، فنقول أولاً: إذا كان بيد الإنسان سيف، فانسلّ منه من غير فعل يُؤْثره، ووقع على صيد في شِعْبٍ أو مغارة، وهلك الصيد، فهو حرام؛ لأنه لم يوجد من صاحب السيف فعل، فضلاً عن أن يفرض منه قصدٌ إليه. ولو رمى سهماً في الهواء، أو كان يبغي الرمي غَلْوةً، ولم يخطر له الصيد، فاتفق أنه أصاب صيداً، وقتله، فهو محرم، وكذلك لو كان يجيل سيفه، فأصاب غِرارُ سيفه حلقوم شاة، ومَرِيَّها، فقطعهما من حيث لم يشعر المدير، فالشاة ميتة.

11545 - ولو رمى صيداً، وخطر له أنه قد يصيب، وذلك يفرض في جنح الليل، والمسألة فيه إذا لم يتخيل صيداً، ولكنه رمى على تردد متسع، فحاصل ما ذكره الأئمة ثلاثة أوجه- إذا اتفقت إصابة الصيد: أحدها - أن الصيد ميتة؛ فإن هذا القصد غير صحيح وصاحبه يعدّ عابثاً هازئاً. والثاني - يحل، لأنه بنى رميه على قصد الصيد، واتفقت الإصابة، والوجه الثالث - أنه ينظر: فإن رمى في موضع يغلب على ظنه الصيد فيه، وإن لم يعنّ له في الحال، فاتفقت الإصابة، حلّ الصيد. وإن كان لا يغلب على الظن الصيد فيه، فالقصد لا أصل له، وحكمه حكم الهازىء.

11546 - ولو اطلع على سرب (?) من الظباء، فأرسل سهمه فيها، ولم يسدّد النشابة على واحدة بعينها، فأصاب السهم ظبية، وماتت به، فهي حلال، ولو سدّد النشَّابة على ظبية عيّنها من السرب، فمالت إلى ظبية أخرى من السرب، ففي المسألة أوجه ثلاثة: أحدها - وهو الأصح، وقد قطع به طوائف من الأئمة أن الظبية حلال، وذكروا في هذه الصورة خلافَ مالك (?)، فإنه قال: لا تحل تلك الظبية، لأنه لم يقصدها. وهذا هو الوجه الثاني. ذكره بعض الأصحاب، وتوجيهه ما أشرنا إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015