فإذا ثبتت هذه الشرائط، فقد أجمع العلماء على أنا نشترط تكررها من الكلب، ثم لا ضبط للأعداد، والمتبع أن يحكم أهلُ الدراية بأنه صار معلَّماً متدرباً في هذه المعاني المطلوبة منه، ولا سبيل إلى التعبير عن هذا بضبطٍ؛ فإنه إنما يدرك بأحوال تُحس منه، والكرّاتُ قد تحمل على اتفاقات، فالرجوع إذاً إلى أهل المعرفة بهذا الشأن. وكل ما ذكرناه في غير الطيور.
11532 - فأما جوارح الطيور كالبزاة والصقور وغيرها، فيشترط فيها أن تسترسل إذا أرسلت في جهة الصيد، كما ذكرناه في الكلب، أما انزجارها بعد الطيران، فلا مطمع فيه، ويبعد أيضاً أن يشترط انكفافها في أول الأمر وقد لمح لها الصيد، وهي جائعة، والله أعلم.
واختلف قول الشافعي في أنا هل نشترط انكفاف جوارح الطيور عن أكل ما أمسكته؟ فأحد القولين أنا نشترط ذلك قياساَّ عَلى جوارح السباع، والقول الثاني - أنا لا نشترط ذلك؛ فإن الكلب إنما ينكف عن الأكل عن فريسته بالضرب، والدق العنيف، وجوارح الطيور لا تحتمل هذا، ولا سبيل إلى زجرها من غير ضرب، بل قيل: سبيل تعليمها بالإطماع في الإطعام.
هذا منتهى ما ذكره الأصحاب [في ذلك] (?).
والإشكالُ عندي [بجُمامه (?)، وأنا وراء استفراغ الوسع] (?) في الكشف والبيان، فنقول: الذي ظهر لنا من قول الأصحاب أنهم اعتقدوا أن الكلب المعلّم يمسك ما يأخذه لصاحبه، وعلى صاحبه، وفي بعض الأخبار ما يشير إلى هذا، أما الخبر، فمتلقىً بالقبول، ولكنه معرض للتأويل وقوله تعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4]، وإن لم يصرح تصريحَ الخبر، فهو مُشعر بذلك أيضاً.