أنه لم يوجد من أهل مكة إلا السكوت عن وقوع بني نُفاثة ببني خزاعة. وإذا ألحقنا السكوت بالتهمة، وذكرنا أن أصحاب التهمة لا يُبدؤون بالقتال من غير نبذ العهد إليهم، ففي هذا تردد.
ويجوز أن يقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقدم النذير من المنزل الأخير، ويجوز أن يقال: اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريشهم على قتل بني خزاعة، فلم يكن ذلك تهمة في حقه، والعلم عند الله تعالى.
ومما تجب الإحاطة به أن المَضَرّات في حق أهل الذمة يختلف المذهب فيها، في أنها هل تكون نقضاً للعهد، ولا خلاف أنها من أهل الهدنة ناقضةٌ للعهد؛ فإن الهدنة ضعيفة ليست متأكدة ببذل الجزية.
فرع:
11529 - إذا أظهر أهلُ الذمة خمورهم، أرقناها عليهم، وإن لم يظهروها، فأرقناها لهم، لم نضمنها لهم، ولكن لا يجوز ذلك.
ولو غصب غاصب خمراً لهم من بيوتهم، فقد كان شيخي يقطع بأنه يجب ردّها، ويجب التزامُ مؤنة الرّد، وقال غيره من المحققين: لا يجب ذلك، ولكن لا يراق، ولا يحال بينها وبين الذمي إذا أراد استردادها.
ولو غصب مسلم خمراً محترمة لمسلم، فالوجه عندنا وجوب ردّها عليه، وفيها احتمال على حال.
ولو باع ذمي خمراً من مسلم، فسلمها إليه، فالخمر مراقة؛ لأن الذمي تعدّى بإظهارها، ولا شيء له في مقابلة إراقتها.
***