حتى نستأصلَهم أو يسلموا، وحمل أصحابُ المعاني قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: 89]، على هؤلاء.
وقسم لهم حقيقةُ الكتاب، وهم اليهود والنصارى، وهؤلاء تحقن دماؤهم بالجزية، وتحل ذبائحهم، ومناكحتهم بنصوص القرآن، فأما الحقن، ففي قوله تعالى: {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، وحل الذبيحة في قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. والمراد الذبائح، وحل المناكحة في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5].
وقسمٌ ليس لهم كتاب، ولهم شبهة الكتاب، وهم المجوس، فتحقن دماؤهم بالجزية، ولا تحل ذبيحتهم، ولا مناكحتهم على ظاهر المذهب، فغلّبنا فيهم أمرين يقضي الشرع بتغليبهما: أحدهما - الحقن، وعليه أخذ الجزية. والثاني -[الحرمة] (?) في المناكحة والذبيحة، وقد روي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذ الجزية من مجوس هجر " (?). وروجع عليٌّ فيهم، فقال: " أنا أعلم الناس بأمرهم. كان لهم كتاب يدرسونه، وعلم يتعلمونه، فواقع فيهم ملك ابنته، فاطلع عليه أهل مملكته، فهموا بقتله، فقال: هل تعلمون ديناً خيراً من دين أبيكم؟ (?) كان يزوج بناته من بنيه، فلما أصبحوا كانوا قد أُسري على كتابهم ومُحي ما كان في حفظهم " (?).