تلزمهم، فإن أبَوْا، كانوا بمثابة أهل الذمّة إذا التزموا الجزية، ثم امتنعوا عن أدائها.
وسيأتي حكم هؤلاء في كتاب الجزية، إن شاء الله تعالى.
وإذا قلنا: لا تلزمهم الجزية، فلا يجوز التعرّض لهم، ولكنهم يُبَلَّغون المأمن، فإنهم نزلوا متمسكين بأمانٍ على الجملة، وهذا الوجه يفارق الوجه الآخر؛ من حيث أنا لا نغتالهم على الوجه الأخير وجهاً واحداً، وإذا ألزمناهم الجزية، وامتنعوا، فقد نغتالهم في وجه.
ولو حكم المحكَّم بالقتل، فأراد الإمام أن يسترق، فقد اختلف أصحابنا، فمنهم من قال: له ذلك، لأن الاسترقاق دون القتل، والإمام لا يزيد على حكم المحكم، وله أن ينقص، والاسترقاق دون القتل.
ومن أصحابنا من قال: ليس له أن يسبي، وهو اختيار الصيدلاني؛ فإن الاسترقاق نوع من العذاب، وقد يؤثر الإنسان الموت عليه، وليس كالمنّ، فإنه تركٌ للعقاب من غير بدل، فلو حكم بالقتل، ثم أسلم المحكوم عليه، امتنع القتل، فمن جوز للإمام أن يسترق في الكفر، جوّز ذلك بعد الإسلام، ومن لم يجوّز الاسترقاق، فلا يجوز هاهنا؛ فإن الاسترقاق زال بحكم القتل، ثم زال القتل بالإسلام.
فرع:
11430 - ذكر الشيخ في أثناء كلامه في شرح التلخيص أن العبد المرتدّ مالٌ يُباع، ولو قتله مسلم، لم يلتزم بقتله ضماناً، ولو غصبه غاصب، فتلف في يده، لزمه الضمان؛ فإنه مالٌ تام قابل للتصرفات المتعلّقة بالملك التام، وما كان كذلك، فهو مضمون باليد العادية (?)، ولا يضمن بالقتل؛ لأن قتله حكمُ إقامة الحد، فمن ابتدر قتله من المسلمين كان مقيماً حدّ الله تعالى، وإن لم يكن له ذلك؛ فإنه مفوّض إلى نائب المسلمين.
وهذا ممثل بعبدٍ مغصوب في يد الغاصب يقول مولاه: اقتله، فلو قتله، لم يضمنه، ولو تلف في يده، ضمنه، ولو قطع رجلٌ يدَ مرتدٍّ، واندمل، وأسلم المقطوع يدُه، فلا ضمان، وإن لم يكن قَطْعُ اليد قتلاً، ولم يكن واقعا حدّاً،