موجود في كتاب الرهون، على أن رهن السواد مفسوخ. أراد بالمفسوخ الفاسد، ولو كانت رقاب الأراضي مبيعة، لجاز بيعها، ولو جاز بيعها، لجاز رهنها. ثم ما ذكره غير صحيح، وذلك أن الأجرة إذا كانت تتجدد بانقضاء السنين، فهذا محمول على مقابلة كل سنة بأجرتها، والمنافع متجددة، ومثل هذا لا يتصوّر في البيع، فإن الموظف على أهل العراق لو كان ثمناً، فالثمن لسنا نرى له ضبطاً، ولا غاية، ولا مقابلة بما يتجدّد حالاً على حال.

وقال أبو حنيفة (?): السواد فتح صلحاً، وردّها عمر عليهم بخراجٍ يؤدونه كلَّ سنة، وزعم أن الخراج لا يسقط بإسلامهم. وهذا مطرد على مذهبه؛ فإنه يقول: إذا ضرب الإمام الخراج على أراضي الكفار، وكان يأخذه منهم جزيةً، فإذا أسلموا على أراضيهم، لم يسقط عنهم الخراج الموظف، وعندنا أن الخراج المضروب على الكفار سبيله سبيل الجزية، فإذا أسلموا على أراضيهم، سقط الخراج عنهم كما تسقط الجزى عن رؤوسهم.

ومما يتصل بهذا الباب أنه لو وقع مثل هذه الواقعة، وعلم الإمام أنه لو ترك الأراضي في أيدي الغانمين، لتعطل الجهاد، ثم زاد (?) أصحابُ الأراضي بسطتَهم، فأَبَوْا، وعلم أنه لا خلاص إلا باقتهارهم، وأَخْذِ الأراضي منهم قسراً، فليس للإمام أن يفعل هذا، بل يقتهرهم على الخروج إلى الجهاد على حسب دعاء الحاجة إليهم.

وقد نقل المعتمدون: أن أمير المؤمنين استطاب قلوب المسلمين، وطلب المسلمون مرضاتَه، لما عرفوا نظره للدين وأهلِه، وروي: " أن بلالاً أبى عليه، فراجعه، فأغلظ بلال القولَ على عمر، فاحتمل عمر، ثم قال: اللهم خلصني من بلال وذويه، فما مرت سنة حتى لم يبق من آل بلال نافخ ضَرْمة (?) " (?).

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015