ومن قال: لا طلبة على المسلم أو الذي عقدنا له الذمة، فلا يُسقط الدين؛ فإن المستحِقَّ لو أسلم طالب، وإنما هذا تَوقُّفٌ في الطلب، فليفهم الناظر ذلك.
ثم قال العراقيون: وقال ابن سريج في النص [الوارد] (?) في النكاح: ذاك فيه إذا أصدقها خمراً ثم ماتت، وقد أسلم الزوج، فلا طلبة للورثة؛ فإنها قبضت في الشرك تمام ما رضيت به.
فإن قيل: إذا ثبت دين لحربي على حربي، واستُرِقَّ من عليه الدين، فقد ذكرتم أن الدين يسقط، فهلاّ جعلتم الرق أماناً، ونقلتم الدين إلى ذمة الرقيق؟؟ قلنا: هذا لا ينكر توجه احتمال فيه، لما نبهنا عليه. والظاهر السقوط؛ فإن ملتزم الدين انتقل من كونه حربياً لا يجري عليه حكمٌ إلى كونه رقيقاً ليس له على نفسه حكم. والاحتمال مع هذا قائم، والله أعلم.
11419 - ولو أتلف حربي على حربي شيئاً، ثم أسلم المتلف، لم يغرم شيئاً، وليس كما لو استقرض منه. ونزيد، فنقول: لو أسلم المتلف والمتلَف عليه، فلا طَلِبَةَ بينهما بخلاف الاستقراض، والمعاملات المقتضية إلزاماً؛ فإن الإتلاف ليس عقداً نقضي بدوامه، وإنما هو حالةٌ جرت حيث لا حكم، ثم جبّ الإسلام ما كان، وأيضاً؛ فإن الحربيَّ إذا قهر الحربيَّ على مَالِه، مَلَكَه، والهلاك باب من القهر. فهذا ما يجب القطع به.
وفي التعليق عن القاضي أن الحربي إذا جنى على مسلم، فاسترق، فأرش الجناية في ذمته، ولا تتحول إلى رقبته، ثم قال: وهذا بخلاف المكاتب إذا جنى، فالأرش في ذمته يؤدّيه من الكسب، فلو عجز وعاد قنّاً، [تحول] (?) الأرش إلى الرقبة، وفرّق، وقال: الرق الذي هو متعلق الأرش كان موجوداً في حال الكتابة المانعة من البيع، فإذا عجز، ارتفع المانع، وتعلّق الأرش بالرقبة بخلاف الحربي، لأنه لم يكن رق عند الإتلاف، وإنما حدث الرق من بعدُ، وهذا الفرق لا باس به.