ثم ننظر: فإن أُرق الحربي، ولم يغنم ماله، فحق المسلم في عين ماله، والرق بمثابة الحجر، أو بمثابة الموت في المسلم المديون عليه. حتى لو ظفر به المسلمون وأخذوه -يعني المال- بعد تعلق الدين به يُقضى الدين من ذلك المال.
ولو غُنم أولاً، ثم سبي، أو غنم المال معه، فحق المسلم الغريم في ذمته، يتبعه بعد العتق. ولا يُقضى من عين المال؛ فإن المال إن غُنم قبلُ، فلا شك أن الدَّيْن لا ينعكس عليه، وإن غُنم المال معه، فقد تعقق ملك الغانمين بعين ماله. وحق صاحب الدين إن كان في الذمة [فالحق] (?) المتعلّق بالعين مقدّم على المتعلّق بالذمة؛ ولذلك قلنا: إذا جنى العبد المرهون يقدم حق المجني عليه على حق المرتهن؛ فإن موجب الجناية لا يتعلق بذمة المولى، فكان تعلقه بالعين أقوى من تعلّق الرهن به.
وعندنا إذا غُنم ماله، ورَق، فالملك في الغنيمة سابق على جريان الرق إن كان المأسور رجلاً، فإن الرق [يُضرب] (?) بعد الأسر؛ فإن كان كذلك، فلا إشكال.
وإن فرض الكلام فيه إذا أسر أولاً، ثم غنم المال مع إرقاق الإمام، أو وقع الفرضُ في المرأة تسبى مع مالها، فيحصل الرق والاستيلاء على الغنيمة معاً، فليس يبعد على القياس تعلّق الدين المحترم بالمال في هذه الصورة، قياساً على ديون التركة، مع حقوق الورثة؛ فإن حق الورثة يتعلّق بعين التركة، والدين يتعلّق بالتركة في الوقت الذي يحصل الإرث فيه، ثم قُدِّم الدين، فلا يبعد أن يكون الأمر كذلك فيما نحن فيه.
وهذا متجه جداً. وما قدمناه من الاستشهاد بجناية العبد المرهون كلامٌ مُخيلٌ ظاهره؛ فإنا إنما قدّمنا حق المجني [عليه] (?) كما نُقدّم حقَّ المجني عليه على حق مالك العبد، إن صدرت الجناية من غير إذن السيد، ولا يزيد حق المرتهن على حق