ومن قال بالوجه الثاني احتج بتبعيض الاستيلاد، وانفصل عن وطء الجارية بالشبهة، وقال: لا معترض على الشرع في تنزيل الظن منزلة الحقيقة، ثم إذا تمهد هذا، فالظن متعلّق بجميع الجارية، والأمر متبعضٌ في مسألتنا، والشبهة من الملك تؤخذ عمن هو (?) متبعض، فإذا زال الظن، ووقع وطؤه في ملكه وملكِ غيره، وجب تبعّض الولد في الحرية والملك.
وقد ذكر أصحابنا وجهين في أن الإمام إذا أراد أن يُرِق النصفَ من الأسير، ويُبقي نصفَه على الحرية، فهل له ذلك؟ وجهان: أحدهما - له ذلك، وهو القياس، والثاني - ليس له ذلك؛ فإن الرأي في الإرقاق وغيرِه في الخلال لا يكاد يتبعّض، وليس هذا خِيَرةً من الإمام، فلا وجه إلا الإرقاق، أو التعلّق بجهةٍ أخرى من الجهات.
وسئل القاضي عن وطء امرأة نصفها حرٌّ، ونصفها رقيق في نكاح أو زنا، فالولد الذي تأتي به كيف حكمه في الحرية والرق؟ فقال: يمكن أن يخرج ذلك على الوجهين في ولد الجارية المشتركة من الشريك المعسر، ثم استقر جوابه بعد أيام على أن الولد بمثابة الأم، تعلّقاً بقول الشافعي: " ولد كل ذات رحمٍ بمثابتها ".
ومعنى هذا الكلام أن حكم الولد إذا كان يؤخذ من ذوات الرّحم، فولدها بمثابتها، وليس هذا كالجارية المشتركة؛ فإن [الشركة] (?) قد تُظن شبهة عامة في الجارية، وهاهنا لا مجال لتقدير الشبهات، فإن الزوج إذا وطىء زوجته لم تأت حرية الولد إلا منها، فيجب القطع بما استقر عليه جوابه.
11411 - فإن قيل: هذا الذي ذكرتموه في الولد إذا ضُم إلى ما قدّمتموه فيه إذا كان المستولد موسراً، ينشأ منهما تناقض. وذلك أنكم قطعتم أن الولد حرٌّ بجملته، وذكرتم قولاً أن الاستيلاد لا ينفذ أصلاً إذا قلنا: لا ملك له. أو قلنا: يثبت الملك ولكنه ضعيف، بقي الاستيلاد لا أصل له، كما أن نَفْيَ الملك لا أصل له، فلا يؤاخذ بما لا حقيقة له.