ولو وقعت تلك الجارية في حصة الواطىء، فالمذهب في المهر كالمذهب فيه إذا وقعت في حصة الغير، ومن أصحابنا من قال: لا شيء على الواطىء بناء على أنا نتبين أنها كانت في ملك من وقعت في حصته، وهذا ساقط، ولكن نقله صاحب التقريب، وصرح بهذا التفريع. ولا عود إلى هذا الوجه بعد ذلك. وكل ما ذكرناه فيه إذا كان الجند محصورين.
فأما إذا عسر ضبطهم لكثرتهم، فقد قال الأصحاب: إذا رأينا تغريمه المهر، غرّمناه تمام المهر؛ فإن حصته من المهر ليس يتبين قدرها؛ فالوجه أن يُغرَّم تمامَ المهر ويردّ إلى المغنم، ثم إذا قسم ما غرمه مع المغانم يرجع إليه مِنْ عَينِه أو بدلِه ما يوجب سقوط الغرم في حصته.
هذا ما ذكره الأصحاب.
قلت: وهذا فيه إذا طابت نفس الواطىء بأن يغرم جميع المهر. فإن قال: لا تغرموني الجميع وأسقطوا مقدار حصتي، فلا بد أن يجاب؛ فإن الجند وإن كثروا، فلا بدّ من إمكان حصرهم، ولولا ذلك، لما تُصوّرت القسمة عليهم. ويستوي إذا كان المغنوم نزراً أو كثيراً، أو كان أقلّ من مهر الجارية في مسألتنا، ثم إذا تيسر الضبط، فنأخذ [المستيقن] (?)، وإن تفرقوا وعسر الأمر، فلا يخفى الحكم في مثل هذه القضية، والوجه أن نحط عنه المستيقنَ، ونتوقفَ في الباقي، كما نفعله في الحقوق المشكلة، وكل ما ذكرناه إذا وطىء الجارية ولم يحبلها.
11404 - فأما إذا وطىء جارية وأحبلها، فالذي ذكرناه قصداً ولم نفرّع عليه الكلامُ في الحدّ؛ فإن المذهب أنه لا يجب، ويخرَّجُ فيه القول القديم الذي ذكرناه في وطء أحد الشريكين الجارية المشتركة، وليس من الترتيب تطويل المسائل بالمكررات، وعلينا شغلٌ شاغل من الإطناب في البحث عن أعواص الفقه، فلو ضممنا إليه أدراج الوجوه البعيدة في التقاسيم، لطال الكلام، وتعدّى حدَّ الاعتدال. فنعرّج على أن الحدّ لا يجب، والقولُ في المهر كما قدّمناه إذا عري الوطء عن الإحبال، لا يختلف