الإسلام تنزل منزلة الابن الكبير في الذمة، فإن الذمّي لا يستتبع بنيه في الذمة، بل إن أرادوا العصمة، فليقبلوا الجزية بأنفسهم. فلما تُصوّر استقلالهم لم يتبعوا في الجزية، والبنت في الاستقلال بالإسلام كالابن، وهذا وإن أطلناه، فهو بينٌ عند الفقيه، لكنا نرى ألاّ نُغفل في تمهيد الأصول جليَّاً ولا خفيّاً.

11396 - ولو بدت تباشير الفتح في القلعة التي حاصرناها، فمن أسلم قبل حقيقة الفتح، عصم نفسه وماله، وتعدّت العصمة إلى صغار أولاده، من حيث يلحقهم الإسلام على جهة التبعية. واحتج الشافعي في ذلك بقصة ابني سَعْية (?)، كانا من بني قريظة، فخرجا مسلمين لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعصما بإسلامهما أموالهما وصغار أولادهما، وابنا سَعْية هما: ثعلبة وأُسيد، وسبب إسلامهما معروف (?).

ولو كان الذي أسلم زوجَةً حربية، فقد قدمنا الخلاف في أن زوجة المسلم هل تُسبى؟ فذلك الخلاف يعود، ولو كان للذي أسلم ولدٌ مجتنّ في بطن حربية، فإن كانت زوجتَه، فقد مضى الكلام فيها، وإن لم يكن عليها زوجية، فهي مسبية مسترقة، والجنين الذي في بطنها، لا يرق، من جهة أن الإسلام لحقه، وهو موصوف بالإسلام، فلا يلحقه السبي والرق، كالمولود المنفصل.

وخالف أبو حنيفة (?) في مسائل مما ذكرناه منها: أنه قال: من أسلم، فماله المنقول لا يغنم، وعقاره يغنم. وقال: لو اشترى مسلمٌ دخل دار الحرب عقاراً، فهو مغنوم، وإن كان مِلكَ المسلم. والجنينُ في بطن الأم يلحقه الرّق عنده إذا سبيت الأم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015