غيرهما، مما يتمكن فيه الإنسان من وضعه حيث يشاء، وفي هذا احتراز عن السهم؛ فإنه غير موثوق به، وإن كان لا يتأتى قصد الكافر إلا بإصابة المسلم، فلا يحل إصابة المسلم، وإن كان الغرض مَنْ وراءه. هذا إذا كان المتّرِس غيرَ مقاتل.
وإن كان يقاتل وراء المسلم الذي يتّرس به، وعلم الواقف من المسلمين بإزائه أنه لو لم يقصد الترس، لزحف إليه الكافر، وأهلكه، فلا يحل -مع هذا التصوير- إصابةُ المسلم، والغايةُ المحذورة أن يقتل الكافر المسلمَ، وخوفُ الإنسان على نفسه لا يسلّط على قتل مسلم غيرِ جانٍ؛ ولهذا يحرم على المكرَه على القتل أن يقتل، فلو قَتَلَ في حالة [الترس كما] (?) صورنا، باء بالإثم.
والأصح أن في استيجابه القصاص قولين، كالقولين المذكورين في المكرَه، ففي أصحابنا من قال: يجب القصاص على الذي قتل المسلم [الذي] (?) يتّرس الكافر به قولاً واحداً، لأن فعل الكافر محطوط مرفوع من البَيْن؛ من جهة أن الخطاب منقطع عنه، فكان قتلُ المسلمِ المسلمَ مع ظهور الخوف بمثابة قتل المضطر مسلماً ليأكله؛ فإن السبب منحصر في القتل. والأصح طريقة القولين، ومن قطع بوجوب القصاص؛ فإنه يقول لا محالة: لو أكره حربيٌّ مسلماً على قتل مسلم يجب القصاص على المكرَه قولاً واحداً، وهذا بعيدٌ لا أصل له، ولا تعويل عليه.
11345 - وتمام البيان في هذا يتعلّق بشيء ذكره العراقيون وذلك أنهم قالوا: التترس بالمسلمين إذا لم يكن عند التقاء الزحفين، فالتفصيل فيه كما ذكرناه، والصفوف قارّة في مقارّها، فأما إذا التف الصف بالصف، فتترس الكفار بأسرى المسلمين، وكان لا يتأتى مقاومة الكفار ما لم نُصب أسرى المسلمين، ففي جواز الإصابة منهم وجهان، ذكرهما العراقيون، وهذا يحتاج في تصويره إلى مزيد كشف، فما ذكروه فيه إذا كان الانكفاف عن الأسرى يُفضي إلى أن يُصطلم جند الإسلام، ثم يختل بانفلالهم ركنٌ عظيم، فهذا يتعلق بأمرٍ كلي، ولا يبعد أن نُجري الأمر في