الصف؛ فإنه إنما يتعين المصابرة ثَمَّ، لما في الانصراف من الانخرام والضرر العظيم، وكسر قلوب الجند، ولا يتحقق مثل هذا في العلم، فالوجه أن يعدّ هذا من نوادر بعض الفقهاء التي لا مصدر لها عن ثَبَت وتحقيق. وسنعود إلى طرفي من هذا -إن شاء الله عز وجل- في فصلٍ يأتي بعده.
فصل
معقودٌ في السلام
11351 - قال الأئمة: السلام من السنن التي تأكد الأمر فيها، وصحَّت الأخبار في الأمر بإفشاء السلام. ثم قال العلماء: من سلّم على جمع من المسلمين، فإن أجابه واحدٌ منهم، كفى ذلك، وإن لم يجبه أحدٌ حَرِج القوم من عند آخرهم، فابتداء السلام سنة مؤكدة، وجوابه فرض على الكفاية، ثم هو مختص في المخاطبين بالسلام، لا يقوم غيرهم مقامهم، حتى لو سلّم رجل على جمع وعيّنهم لتسليمه، فسكتوا، فردّ عليه من لم يخاطبه بالسلام، فالفرض لا يسقط بذلك عن المخاطبين، وقولنا: الجواب فرض كفاية [كافٍ] (?) في بيان هذا، فإن الجواب إنما يصدر عمن تعلّق به الخطاب، وإذا أتى بلفظ السلام [من] (?) لم يخاطَب، فهذا ابتداءٌ، وليس بجواب.
11352 - ثم قال الأئمة: سنة السلام على الكفاية في وضعها، كما أن جواب السلام على الكفاية، وبيانه أنه إذا التقى جمعان، فسلم واحد من جمعٍ على الجمع الآخر، كفى ذلك في إقامة السنة، كما أن واحداً من المخاطبين لو أجاب، كفى جواب الواحد، وسقط الفرض عن الباقين، ولو سلّم رجلٌ على رجلٍ معين، تعين عليه جوابه، فقد انقسم جواب السلام في أصله إلى ما يتعين، وإلى ما يثبت فرضاً على الكفاية، كما انقسم الجهاد.
وبالجملة لا يثبت شيء على الكفاية إلا ويتطرّق إليه التعيين، فتجهيز الموتى