وقع قبل شهر رمضان، وتبين أمره بعد انقضاء الشهر المطلوب، ففي المسألة قولان، وسيأتي ذلك في موضعه.

وكان شيخي يُجرِي الصلاة في حق المحبوس، وفي حق من اعتاص الأمر عليه مجرى الصوم، في صورة القطع نفياً وإِثباتاً، وفي صورة القولين، ويقول: الصلاة أولى بذلك من الصّوم؛ فإِن الأمر فيها أخف، ولذلك سقط قضاؤها عن الحُيَّضِ، وإِن لم يسقط عنهن قضاء الصَّوم.

فأمّا إِذا كان بحيث لو صبر، لانتهى إِلى وقتٍ يستيقن دخولَ وقت الصلاة، فهل يجتهد في الوقت ويصلي بناء على الاجتهاد؟ فيه خلاف، وجماهير الفقهاء على تجويز ذلك؛ فإِن أسباب الظنون فيها ممكنة، ويشهد لذلك، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبنون أمر الفِطر على الظن، ولذلك اتفق في زمن عمر وقوعُ الفِطر في النهار، في قصة ستأتي في موضعها.

وكان الأستاذ أبو إسحق يمنع الاجتهاد في الصُّورة التي نحن فيها، ويرى تقريب ذلك من اختيارٍ له في صورةٍ ظهر الاختلاف فيها، وهي أنّه إِذا كان مع الرجل إِناءان، أحدهما طاهر، والثاني نجس، وقد أشكل عليه أمرُهما، فإِنّه يجتهد ويتحرى، فلو كانا معه، وكان معه إِناء ثالث مستيقن الطهارة، ففي جواز اعتماد الاجتهاد خلافٌ مشهور.

665 - ومما يتعين النّظر فيه، أن أول الفجر إِذا بدا لأحَدِّ الناس بصراً وأشدِّهم نظراً، فلا شك أنّه طلع الفجر في علم الله قبيل إِدراك من وصفناه، فلو اجتهد المجتهد في صلاة الصبح، ثم بدا الفجر، وكانت الصلاة وقعت في وقت يعلم أنها فيه انطبقت على أول الفجر، ولكن كان ذلك في زمانٍ لا يتصور أن يتبين فيه الفجر للناظر، فالذي كان يقطع به شيخي، أن هذه الصلاة واقعة شرعاً قبل الوقت، وكان يُنزل هذا منزلة وقوع عقد صلاة الظهر في وقت الاستواء، ووقوف الظل، هذا حفظي عنه، وهو الذي طرده في أمر الصوم، وسأذكر فيه قولاً شافياً، في الصوم إِن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015