دون مسافة القصر ينزلون -إن وجدوا الزاد- منزلة أهل الناحية، إذا قام بالدفع مَنْ فيه الكفاية.

وإن لم يكن في أهل الناحية كفاية، فيتعين على الأقربين أن يطيروا إليهم، وإذا قلنا؛ إنهم بمثابة أهل الناحية، لم نغادر من البيان المقصود شيئاً في طوارىء القوة والضعف.

فأما الذين يقعون من الناحية على مسافة القصر فصاعداً، فإذا بلغهم الخبر، نُظر: فإن لم يكن في أهل الناحية، وفي الذين يلونهم كفاية، تعيّن عليهم أن يتطيَّروا إليهم، ثم الأظهر هاهنا أنه إذا طار إليهم قوم فيهم كفاية، سقط الحرج عن الباقين.

ومن أصحابنا من قال: يتعين على كافة أهل الناحية التي صورناها أن يطيروا ويتسارعوا إليهم؛ فإن هذا يمنع التخاذل والتواكل، ولو بنينا الأمر على الكفاية وقد [جدّ الجد] (?) وليس هذا مما يقبل الأناة، بخلاف القتال الموضوع لإقامة فرض الكفاية، والكفار قارّون، فلا ينتظم دفع هذه العظيمة مع المصير إلى الاكتفاء بخروج البعض، لما في الطباع من الانحباس عن القتال، وإذا فرض ذلك، فإلى أن يظهر للكافة لحوق الحرج، ربما تجري عظائم من القتل والأسر، واهتتاك الحرمات، فالوجه الإيجاب على الكافة إذا لم يكن بين أيديهم إلى ما يلي الكفار من فيه كفاية، وهذا يترتب على ما ذكرناه في أهل الناحية إذا كان فيهم كفاية، وكان البعض منهم يستقلّ بالأمر.

وما ذكرناه من الخلاف في البعد مرتب على ما ذكرناه في أهل الناحية والذين يقربون منهم، فإن كنا نكتفي في أهل الناحية بمن فيه كفاية، فهذا في البعيدين أولى، وإن لم نكتف في أهل الناحية، ففي الذين يبعدون وجهان، ثم ينبني على الوجهين في البعيدين ما نذكره، فإن بنينا الأمر على الكفاية، أخرجنا العبيد والنساء، وإن قلنا: عليهم أن يخرجوا بجملتهم -وإن كان في بعضهم كفاية- ففي العبيد والنسوان وجهان، إذا كان في النسوان مُنّة، ولا خلاف أن الخبر إذا بلغهم، لم يكن لهم أن يلبثوا تعويلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015