فرع:
11266 - إذا دخلت البهيمة المزرعة، فهيجها صاحب الزرع، فوقعت في زرع الجار، قال الأئمة: إن اقتصر على تنفيرها من زرع نفسه، فلا ضمان عليه، وإن اتبعها بعد الخروج من زرعه حتى أوقعها في زرع الجار، توجّه الضمان.
ولو كانت مزرعته محفوفة بمزارع الناس، وكان لا يتأتى إخراجها إلا بإدخالها مزرعة الغير، ولم يكن طريقٌ ومسلك إلا دخول زرع الغير، والمزرعة متصلة بالمزرعة، فسوق الدابة، وإخراجُها، وإدخالها في مزرعة الغير، وليس للإنسان أن يجعل مال غيره وقاية مال نفسه، فإنْ فَعَلَه كان ظالماً -والمزارع ليست لصاحب الدابة، حتى تنتشر الظنون وتتقابل الخيالات- فالذي أراه أن هذا الطارد المخرجَ للدابة مهلكٌ لزرع الغير على سبيل المباشرة، وترْكُ البهيمة تنتشر سببٌ من مالكها، والمباشرة تغلب السبب، فعلى صاحب الزرع أن يترك البهيمة، ثم يُغرِّم صاحبَها ما تتلفه.
وينشأ من هذا أن البهيمة لو انتشرت انتشاراً مضمَّناً في مزرعة إنسان، وتمكن المالك من طردها، فتركها حتى أفسدت، فالذي يليق بمضمون الباب أنه يطردها، فإنّ ترك الطرد مع التمكن تضييع، وإذا كنا نحط ضمان زرعه لتركه الباب مفتوحاً؛ من حيث إنه مضيع، فالذي يليق بما نحن فيه أنه بترك الطرد مُضيِّع.
فإن قيل: ما بال الأروش تتعلّق برقبة العبد، ولا تتعلق برقبة البهيمة حيث يتعلّق الضمان بفعلها؟ قلنا: الضمان في البهيمة محالٌ على تقصير المالك، والبهيمة كالآلة، والعبد ملتزمٌ ذو ذمة، وأقرب ما يؤدي منه ما يلزمه رقبتُه. فإن تُصوّر عبدٌ أعجمي يضرى ضراوة السبع، فهل يتعلق الأرش برقبته؟ خلافٌ قدّمناه في الأصول السابقة.
فرع:
11267 - إذا وقفت الدابة، فبالت وراثت، فالبول منها والروث لا يتعلّق بهما ضمان في الممرّ، وهذا لا سبيل إلى دفعه، فأما إذا اتفق مزيد انتشار بسبب وقوف الدابة، فقد قال الأصحاب: إن كان الطريق ضيقاً (?)، فوَقْف الدابة عدوان،