والقول الثاني - يجوز الاستسلام، ومعتمده الأخبار الصحيحة، ومنها ما روي عن حذيفةَ بنِ اليمان: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ما سيكون من الفتن، فقال حذيفة: يا رسول الله لو أدركني ذلك الزمان، فقال: ادخل بيتك، واخمل ذكرك، فقال: أرأيت لو دخل بيتي؟ فقال: إذا راعك بريق السيف، فاستر وجهك، وكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل " (?). وفي بعض الأخبار: " ولأن تكن خير ابني آدم " (?) عَنَى صلى الله عليه وسلم قابيل وهابيل. وصح عن عثمان رضي الله عنه: " أنه استسلم يوم الدار، وقال: لا أحب أن يراق فيّ مِحْجَمة دم "، وكان معه في الدار أربعمائة من الغلمان الشاكين السلاح، فقال: " من ألقى سلاحه، فهو حر" (?).

فإذاً لاح في الدفع وإن أفضى إلى القتل، وفي الاستسلام قولان: أحدهما - أنه محرّم، والثاني - غير محرّم.

ثم اختلف أصحابنا في تأويل هذا القول، فمنهنم من قال: الاستسلام جائز، ومنهم من رآه مندوباً إليه مستحباً، وإليه إشارة الأخبار في استحسان الإيثار، وإن أدى إلى هلاك المَؤْثر، وهو شِيمُ الصالحين، ويتصوّر من أوجه، يدل البعض منها على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015