ثم إن ختن السلطان طفلاً لا ولي له في اعتدال الهواء، حيث يجوز للأب -لو كان- أن يختن، فإن أفضى إلى الهلاك، فلا ضمان، كما لو عالج بالفصد والحجامة على حسب المصلحة، وقال القاضي: يجب الضمان، وهذا محتمل؛ فإنه ليس من قبيل المعالجات، والختان ليس واجباً في الحال، ووجه ما ذكره الجماهير أن الختان لا بد منه، فإجراؤه في الصغر والبدن غض رخص، والمختون مقدار صغير أولى، فيلتحق من هذا الوجه بالمعالجة، وطرد القاضي ما ذكره من الضمان في وجوب الضمان على الأب إذا ختن الطفل، وهذا في الأب أبعد، وقد صح في الخبر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأن يحلق رأس المولود، ويعق عنه، ويختن في السابع من ولادته ".
ولو ختن السلطان في حر شديد، أو برد مُفْرط، فأدى إلى الهلاك، نص الشافعي على أنه يضمن، ونص على أنه لو أقام الحد في الحر الشديد أو البرد، فأدى إلى التلف لا يضمن، وقد ذكرنا اختلاف الأصحاب في النفس، وتردّد الطرق؛ فلا نعيده.
والنص الذي ذكره في السلطان يجري في الأب إذا ختن في الحر الشديد، والبرد المفرط، فإن جرى خلافٌ في نفي الضمان عن السلطان، فالأب أولى بانتفاء الضمان عنه؛ فإن الختان في حقه كالحدّ في حق الإمام؛ من حيث إنه يتولاه هو.
***