غلبةَ الظن، على ما وصفناها، وإن استوى الأمران، واعتدل الخوفان، ولم يترجح أحدهما على الثاني، فقد كان شيخي يختار أنه لا يحل له القطع هاهنا؛ إذ لا فائدة فيه، والعواقب مغيبة.
وذهب بعض الأصحاب إلى أنه لا معترض عليه إذا اعتدل الأمران، ولم يُخْلِ الأصحابُ الصورة عن خلاف أيضاً، فاستبان لي في الصورتين من كلام الأصحاب أوجه: أحدها - أن القطع إذا كان مخوفاً، لم يجز، والثاني - أنه جائز في الصورتين، والثالث - أنه يجوز إذا كان خوفُ التبقية أغلبَ، ولا يجوز إذا اعتدلا في الظن.
وإن كان خوف القطع أغلب، فلا خلاف أنه لا يجوز.
واتفق الأصحاب على أن من عظمت الآلام عليه، وصار بحيث لا يستقل بها، فليس له أن يسعى في إهلاك نفسه، ولذلك إذا كان به عِلَّة مُهلكة، وقد قيل لا خلاص، فليس له أن يذبح نفسه بسبب مذفِّف، ولو أُضرمت النار في إنسان وكان لا يطيق الصبر [على] (?) لفحاتها فأراد أن يلقي نفسه في بحر ورأى ذلك أهونَ، فهذا قد اختلف فيه أبو يوسف ومحمد، وراجعنا شيخنا في ذلك، فقال: له (?) أن يبتدئ مهلكاً باختياره. وفي المسألة احتمال؛ فإن الإحراق مذفف، وكذلك الإغراق، والرأي ما ذكره شيخنا.
هذا رأينا في المستقل وما يجوز له من القطع وما لا يجوز.
11228 - وأما تصرّف الولاة، فإن أراد السلطان أن يقطع أنملة من مستقلٍّ بنفسه مُطْلَقٍ (?)، فليس له ذلك، فإن النظر فيه يَدِق، وهذا بمثابة ما لو رأى الوالي أن يفصِد