11215 - وإذا تمهد القولان وتفريعهما، فإنا نذكر صوراً ونخرّجها على ما مهدنا: فإذا ضَرَبَ في الشرب أربعين، فمات المحدود، وأوجبنا الضمان، ففي المسألة قولان. وإن جلد الشاربَ ثمانين، وقلنا: له ذلك على شرط سلامة العاقبة، ففي تضمينه قولان أيضاً؛ فإنا نجوز له من طريق السياسة أن يفعل ما فعل، والتعزيرات إذا أفضت إلى الهلاك، كما سنصفها، إن شاء الله تعالى إن لم يظهر تقصيره فيها، ففي محل الضمان قولان، وإن ظهر سرفُه ومجاوزته الحد، فهذا يختص به قولاً واحداً- والتعويل على ما قدمناه من ظهور التقصير، ووقوعِ الأمر خطأ [في] (?) الاجتهاد في إقامة السياسة.
11216 - ومن الصور التي نذكرها ملتحقة بخطأ الإمام أنه لو شهد عنده على العقوبة شاهدان، فعليه البحث عن أحوالهما، فإن لم يفعل وترك البحث، وأجرى العقوبة، فالذي جاء منه ليس من خطأ الأئمة؛ فإنه تناهى في التقصير، وترك ترتيبَ الخصومة، والقيامَ بما هو مأمور به من البحث والتنقير، فإذا بانا عبدين أو فاسقين أو كافرين، فالإمام يختص بالضمان إذا حكم، قولاً واحداً.
وإنما يتردد نظر الفقيه في وجوب القصاص، والأظهر الوجوب إذا تحقق الزلل؛ فإن الهجوم على القتل ممنوع منه بالإجماع، وقد يُحتمل أن يقال: أسند القتل إلى صورة التثبت، فيندفع القصاص، وهذا له التفاتٌ إلى صورتين يضطرب الرأي فيهما: إحداهما - أن يقتل الإنسان مسلماً في ديار الكفر على زي مشرك، ثم يبين أنه كان مسلماً، فلا قصاص، وفي الدية قولان.
والصورة الأخرى: أن يقتل مسلماً في ديار الإسلام على زي المشركين، ففي وجوب القصاص قولان، وقيام الشهادة وصورتها لا ينقص عن زي مشرك في دار الإسلام، ومن الصور الناظرة إلى هذه المسائل، ما لو قتل رجلٌ رجلاً، وقال: حسبتُه قاتلَ أبي. فهذه مسالك النظر ومجامع الرأي، [وليست] (?) غرضَ الفصل.