يعدل الصدّيق عنه إلا على تعديلٍ (?) وتقريب صدر عن اجتهاد، والسبب الذي سوّغ ذلك للصدّيق أنه لم ير لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ضبطاً يسير إلى التحديد، وعلم أن ما كان كذلك، فللاجتهاد فيه مساغ. فإذا جاز العدول إلى السياط، [فلئن يجوّزوا الضرب] (?) بالنعال وأطراف الثياب أولى. ثم الضرب معدلاً بمقدارٍ أمكنُ من تقدير ضربات ملتبسة بأربعين.

فإذا ساغ للصدّيق ما فعل، فلا منعَ من الرجوع إلى الأصل، هذا هو المذهب.

وذكر العراقيون هذا ووجهاً آخر أنه لا يجوز لنا الضرب بالنعال وأطراف الثياب؛ فإنا كُفينا مؤنة التعديل، وقد بعد العهد وتناسخت العصور، ونحن لو ضربنا بالنعال بين أن نحط عن القدر المستحق، وبين أن نزيد. وهذا وإن أمكن توجيهه، فالمذهب غيره، وقد نقله العراقيون، وزيفوه.

ولو رأى الإمام أن يجلد الشارب ثمانين تأسياً بما استقر عليه رأي أمير المؤمنين عمر، فالذي ذكره شيخي ومعظم الأئمة أن ذلك سائغ، على ما سنوضحه بالتفريع، إن شاء الله تعالى.

وقال القاضي: الصحيح من مذهبنا أنه لا مزيد على ما رآه الصدّيق في زمنه؛ من أنه عدله الشهادة (?) الذين شاهدوا ما جرى في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان مستندُ حكمه ما ذكرناه. والذي رآه عمر رأيٌ له، ونحن لا نلتزم أن نتبع آحاد الصحابة رضي الله عنهم، إلا ما نراه معتقداً بأوجه المسالك، ثم قال: وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يجوز تبليغ الحد ثمانين، فانتظم وجهان إذاً في هذا الطرف.

ولا خلاف أنه لا يجوز أن يتلقى من تردد الصحابة رضي الله عنهم في ذلك جواز المزيد على الثمانين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015