أوقات الصّلوات، وإِنما اضطربت المذاهب في صلاة الصبح ووقت الأذان لها، كما سيأتي ذلك؛ فالوجهان اللذان ذكرهما الشيخ ضعيفان جداً.

والوجهُ الثالثُ: ذكره صاحب التقريب، وهو الأقربُ؛ وذلك أَنَّهُ قال: معنى المبادرة أن يتشمر الإِنسان لأسباب الصّلاة عقيب دخول الوقت، بحيث لا يعد متوانياً ولا مؤخراً لها، والطهارةُ والأذان والإِقامة من الأسباب. ثم قال: "لو وقع في شُغل خفيف من أكل لُقَم أو مخاطبة إِنسان من غير تطويل، فهذا مما لا يفوّت الأوَّليّة".

ورأيتُ الطرق مترددة في إِيقاع التستر بعد الدخول. فألحق العراقيون التستر بالطهارة، ولم يَعُدُّوا الاشتغال بها مفوِّتاً للأوَّليّة. وكان شيخي يناقش في هذا من أجل أن فريضة الستر لا اختصاص لها بالصلاة، ولست أرى على الوجه الذي ذكره صاحب التقريب لهذا معنى؛ فإِنَّه صار إِلى أن التناهي في التضييق لا أصل له في تفويت فضيلة الأولية، كما ذكرناه الآن، وليس الزمان الذي يتأتى الستر فيه مما يُنهي الأمر إِلى مجاوزة التقريب في ذلك.

655 - وعلى الجملة [أسوتنا] (?) في ذلك كله ما كان يعتاده السلف الصالحون المبادرون لإِقامة الصلوات في أوائل الأوقات، والكلام في مثل ذلك ينتشر، ونحن نحاول ضم النشر ما أمكننا، فنقول: الأذان والإِقامة معتبران بعد وقت الصلاة، وكذلك الطهارة، وكل ذلك من غير تطويل بيّن، ولا تكلّفِ عجلةٍ على خلاف الاعتياد، ويعتبر أيضاً تقديم السنن التي قدّمها الشرع على الفرائض، ثم ما لا يدخل في الحس دخولاً ظاهراً، ولا يؤثر في إِظهار أثر التأخير إِلا للراصد الحاذق، فذاك لو وقع، فغير مؤثر في تفويت الفضيلة، وأكل لقمة يكسر بها (?) شهوة الجوع، والتستر مع قرب الثوب من هذا الفن.

ثم الذي يتجه في ذلك أن وقت الفضيلة إِن انقسم إِلى الأفضل والفاضل، لم يبعد، فالذي يترك الأذان والإِقامة والستر لا يصير بهذا البدار حائزاً للأفضل، وإِنما تتلقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015