أوجه: أحدها - يلزمه القطع، كالمكري مع المكتري، والثاني - لا يلزمه القطع؛ فإن المستأجر مَلكَ منفعة الدار، والمستعير لم يملكها، بل استباحها، وللمعير حق الرجوع في العارية متى شاء. والوجه الثالث - أنه إن قصد به الرجوع في العارية، فدخل الدار على هذا القصد، ثم أخرج ما وجد، لم يُقطع، وإن لم يقصد بدخول الدار الرجوعَ في العارية، قُطع، واستشهد القفال في اعتبار القصد وعدمه، بأن قال: لو دخل مسلمٌ دار الحرب فوطىء حربية، فإن قصد به قهرها وتملكَها عند إمكان ذلك، لم يكن ما صدر منه زنا، ولو علقت منه، صارت أم ولد بعد جريان الملك على رقبتها، وثبت النسب. وإن لم يقصد تملكها وقَهْرَها، كان الصادر منه زناً، ولو تعلقها لم تصر أم ولد.

ومال أئمة المذهب إلى الوجه الأول؛ فإن المعير وإن كان يملك الرجوع في العارية فإذا أراد ذلك، تعين عليه إمهال المستعير ريثما ينقل امتعته، فيظهر هاهنا أن العارية تُثبت تأكد الحق للمستعير، فلا يهجم على نقضه.

11114 - ومما يتصل بذلك أن من غصب حرزاً، وأحرز به ماله، فلا شك أن المغصوب منه لو دخله، وأخرج منه شيئاً، فلا قطع عليه، لأنه يستحق دخول الحرز عاجلاً، غيرَ آجل.

ولو دخل الحرز المغصوبَ غيرُ المغصوب منه، وسرق منه، فقد قال القفال: لا قطع على السارق، لأن ملك الغير لا يصير حرزاً له، وهو جانٍ متعد. وهذا قاله تخريجاً.

وفي كلام الأصحاب ما يدل على خلاف ذلك، ففي المسألة وجهان: أحدهما - ما ذكرناه، والثاني - أن القطع يجب. ويمكن أن يقرّب هذا من التردد في أن الواحد من المسلمين إذا رأى عيناً مغصوبة في يد غاصب، فهل له إزالة يده عنها حسبةً؟ وفيه خلاف تقدم.

ونظير ما نحن فيه أن من غصب من إنسان مالاً وأحرزه بحرزه المملوك، فدخل المغصوبُ منه الحرزَ، وأخذ المال المغصوبَ منه، وأخذ من مال الغاصب ما بلغ نصاباً، وأخرجه من الحرز، ففي وجوب القطع عليه وجهان: أحدهما - لا يجب؛ لأنه أبيح له التهجم عليه والدخول في حرزه لانتزاع المغصوب من يده؛ فلا حُرمةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015