حنيفة (?) في خبط ومناقضات، وتعويلُ المذهب على تحقيق الملك في الحال، ولسنا نلتزم الكلام في الأشياء الموقوفة، وما يَضعُف الملك فيه، وما يتطرّق إليه الشبهات، كأموال بعض الناس في حقوق البعض، وكأموال بيت المال، وإنما غرضنا الكلام على الأجناس، وتلك الفصول ستأتي في مواضعها، إن شاء الله عز وجل.

11089 - فأما الكلام في الحرز، قال الشافعي: " وجملة الحرز أن ينظر إلى المسروق ... إلى آخره " (?).

هذا الفصل مما يجب الاهتمام بضبطه؛ فإنه القطب الأعظم في الكتاب، وليس فيه ضبطٌ توقيفي، ولا معنىً يدركه قياسٌ جلي. فنقول: السرقة إخراج مالٍ مصون بحرز مثله عن حرزه، ووضع الشرع على أن يستفرغ المالك الوُسعَ في صون ماله، ثم إذا كان كذلك، والسراق لا يرجعون إلى شوكة وعُدة، وإنما مبنى أمرهم على الاختزال فيبعد أن يُؤْثروا التهجم على الحرز، والتعرض للخطر لمقدارٍ نزر تافه، وإذا عظم قدرُ المال، فقد ينتهض ذوو العرامة للتعلق بأسباب الاحتيال ومصادمة الأغرار، فرَدَعَهم الشرع بشَرعْ القطع، ثم الحرز لا يتصور ضبطه بتوقيفٍ، فورد مطلقاً محمولاً على ما يعد حرزاً، ويعد صاحبه غير مضيع، ثم النهايات ليست مرعية.

فانتظم من ذلك أن ما يعدّه الناس حرزاً، فهو حرز في الشرع، وما لا فلا، ويترتب على هذا اختلاف الاحتراز باختلاف أجناس (?) الأموال؛ فإن أعيان الدراهم والدنانير تعدّ ضائعة في عرصات الدور، بخلاف المفارش والأواني، وذلك في التحقيق يخرّج على القاعدة؛ فإن الدراهم إذا لم تكن في المخازن تشوّفَ إليها طالبوها، بخلاف ما يثقل محمله، أو تقل قيمته، ولذلك اطردت العادة بالإحراز بالمخازن.

والاصطبل حرز الدواب على نفاستها، وقد لا نراه حرز الثوب؛ من جهة أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015