11073 - فأمّا الطريقُ والجهةُ؛ فالقاعدة المعتمدة في المذهب أن كل جهةٍ صار إلى تصحيحها والحكم بإفضائها إلى الإباحة صائر من أئمة الشريعة، فإذا حصل الوطء بها، فالمذهب انتفاء الحد، وإن كان المُقدِم عليها لا يرى [استحلالَ] (?) الوطء بتلك الجهة. وعلى هذا قال الأئمة: إذا نكح الرجل نكاح متعة، وأصاب، فلا حد، لمذهب ابن عباس في إباحة نكاح المتعة، وكذلك إذا نكح بغير وليٍّ، أو نكح بغير شهود، مكتفياً بالإعلام.
وحكى الأئمة قولاً عن الشافعي أن الوطء في نكاح المتعة ممن لا يستحله موجبٌّ للحد، وهذا قريب من القول القديم في الأملاك [المقترنة] (?) بالأسباب المحرمة.
والترتيب عندنا أن كل عقد ليس فساده من المظنونات، وإن عُزي إلى بعض الأئمة، فنُجري هذا القول فيه، ونكاح المتعة منه، فإن الذي استقر عليه مذاهب العلماء أن نكاح المتعة أبيح ثم نسخ، وقد قيل: رجع ابن عباس عما ينسب إليه من إباحته.
وكل عقد لا يمكن القطع بفساده ويلحق الكلام فيه (?) بالمظنونات، فهو شبهة في درء الحد، كمذهب أبي حنيفة في انعقاد النكاح بغير ولي، وكمذهب مالك في انعقاده بغير شهود، ولا يجري القول الذي ذكرناه في هذا الصنف.
وذهب الصيرفي من أصحابنا إلى إيجاب الحد على من وطىء في النكاح بغير ولي، ثم زعم أن الحد يجب على الحنفي فضلاً عن الشافعي، وانتحى في هذا مذهب الشافعي، حيث قال: لو شرب الحنفي النبيذ حددته، وقبلت شهادته. وسنعود إلى هذا الطرف في باب الأشربة، إن شاء الله عز وجل.
فهذه معاقد مذهبنا في الشبهات وتقاسيمها، وبيان محل الوفاق والخلاف فيها.