المرأة أو طاوعته، ومن أصحابنا من قال: لا يجب الحد على الرجل لاختلاف الشهادة في صفة الفعل الصادر منه، وسيأتي لهذا نظائر في كتاب الشهادات إن شاء الله عز وجل.
فإن قيل: إذا قلنا: لا يحد الرجل، فهل يحد الشهود في حقه؟ قلنا: ما ذهب إليه أهل التحقيق أنهم لا يحدون في حقه؛ فإن عددهم كامل على زناه، وهم من أهل الشهادة، وإنما رددنا شهادتهم، فلم نقم الحد عليه لأمر خفيٍّ مجتهَد فيه، وقد ذكرنا أنا إذا رددنا الشهادة لأمر مجتهد فيه مع كمال العدد، فلا نجعل الشهود قذفة.
11070 - ثم قال الشافعي: " وإن شهد عليها بالزنا أربعة ... إلى آخره " (?).
وصورة المسألة: إن شهد أربعة على زنا امرأة، فتُشهِد أربعَ نسوة عدول على أنها عذراء، فلا حد عليها؛ لأن الحد يُدرأ بالشبهة، وقيام العذرة مما يغلِّب على الظن أن الزنا لم يجر، ولكن لا حد على الشهود؛ لأن العذرة قد تعود، ويستحيل أن يحدّوا مع هذا الإمكان، فالمرأة لا تحد؛ لأن عذرتها شبهة ظاهرة في نفي الزنا، والحد مما يسقط مع الشبهة، والشهود لا يحدون لما ذكرناه.
ولو شهد أربعة على أنه زنى بها مكرهة، وشهد أربعة أنها عذراء، دفع الحد عن الرجل المشهود عليه بالزنا والإكراه؛ لأن العذرة إذا ثبتت عارضت ظهور الزنا على المناقضة، فإن ادعت المكرهة الوطء على الإكراه، فلها المهر، وثبوت العذرة لا يدرأ المهر؛ فإن المهر لا ينتفي بالشبهة.
ولو شهد أربعة من الشهود على زنا فلان بفلانة، ولكن عيّن كل [واحد] (?) منهم زاوية من زوايا البيت للزنا، فلا يثبت الزنا لاختلاف الشهادات، ولكن كل واحد منهم شهد على زناً لم يساعَد عليه؛ فيخرج فيهم قولان في وجوب حد القذف؛ فإن العدد لم يكمل في الشهادة على زنية واحدة.