وصفنا، فلو اتفق البرء من ذلك المرض على الندور، [فالذي] (?) قطع به الأصحاب أن ما مضى كافٍ، ولا نعيد الحد بعد البرء والاستقلال، وقد ذكرنا تردداً في أن المعضوب إذا برأ على الندور بعدما استأجر أجيراً، وحج عنه، فهل يسقط فرض الإسلام عنه أم لا؟ وليس الحد كذلك؛ فإن مبناه على الاندفاع بالشبهة، والمُقام منه كافٍ معتد به، لا يتغير موجَب الاعتداد به.

11060 - ثم قال الشافعي وأصحابه: إذا كان الحد جلداً، فينبغي ألا يقيمَه الإمام في شدة الحر والبرد، [ولكن] (?) يرعى في ذلك زمانَ الاعتدال، وهذا مما يجب صرف الاهتمام إليه، ولا وصول إلى الغرض منه إلا بذكر ما قاله الأصحاب على وجهه، ثم الرجوع بالمباحثة.

قالوا: إذا أقام الحدَّ في شدة الحر والبرد، فهلك المحدود، فلا ضمان على الإمام، هكذا نص الشافعي هاهنا، وقال فيمن امتنع من الاختتان: " لو ختنه الإمام، فأفضى إلى هلاكه، يجب الضمان " فاختلف أئمتنا على طريقين: منهم من قال: في المسألتين قولان، نقلاً وتخريجاً: أحدهما - أن الضمان يجب؛ فإن الإمام ترك ما أُمر به من تأخر الحد، وارتقاب اعتدال الهواء، فكان ذلك تقصيراً منه.

والثاني - أنه لا يجب الضمان؛ فإن الهالك قتيلُ الحد، والحقُّ قتله.

ومن أصحابنا من أقر النصين قرارهما، وفرّق بينهما، فقال: استيفاء الحدود إلى الأئمة، فإذا أقاموها، لم يؤاخذوا بمواقعها، والختان لا يتولاه الولاة، وإنما يتعاطاه المرء من نفسه، أو يقوم به في صباه وليّه (?)، فإذا خاض الإمام فيه، فهذا كان على شرط سلامة العاقبة، هذا ما ذكروه.

11061 - وطريق المباحثة فيه أنا إذا قلنا: لا يجب الضمان إذا مات المحدود، فلا شك أنا لا نوجب على الإمام تأخير إقامة الحد إلى اعتدال الهواء؛ فإنا لو أوجبنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015