في عوده إلى الإسلام. ومن أصحابنا من قال: لا يصح منه ما لَه، ويصح منه ما عليه، فلم يصحّح إسلامه وصحّح ردته.
ثم قال الشافعي رحمه الله: إذا حكمنا بردته، فينبغي ألا نقتله (?) حتى يُفيق، ونعرض الإسلام عليه، فعساه يرجع، فلو تاب ورجع في السكر، فإن قلنا: لا تصح توبته، فوجودها كعدمها. وإن قلنا: تصح توبته، فلو أفاق، عرضنا عليه التوبةَ مرة أخرى حتى يأتي بها على ذُكر وخُبْر وبصيرة.
فلو ابتدره إنسان وقتله؛ فقد ذكر بعض الأصحاب خلافاً في أنه هل يضمنه كما يضمن به المسلم إذا قتله؟ فالذي ذهب إليه المحققون: أنه يضمنه؛ فإنه قتله بعد التوبة المحكوم بصحتها، وذكر بعض الأصحاب قولاً في إهداره، وزعم أنه مأخوذ من مسألة، وهي إذا حكمنا بإسلام مولود، وكان علوقه على الكفر، ولكن أسلم أحد الأبوين أو كلاهما، فإذا بلغ فقتله إنسان قبل أن يعرب عن نفسه بالإسلام، ففي وجوب الضمان، خلاف ذكرناه في كتاب اللقيط، ووجه التقريب عند هذا القائل أن الإسلام الحاصل بالتبعية إسلام حُكميّ، وكذلك الإسلام الحاصل في السكران إسلام
حُكميّ، لم يصدر عن ثَبَتٍ في الاعتقاد.
وهذا ليس بشيء. فإنا إذا صححنا إسلامه، [فهو متأصل في الإسلام ليس تابعاً لأحد، فإن قيل: لم يصدر إسلامه] (?) عن عقد ثابت، قيل: كذلك صدرت الردة منه في سكره، فلا فرق بينها وبين التوبة عنها، وإن ذكر هذا القائلُ [هذا القولَ] (?) البعيد فيه إذا كان قد ارتد صاحياً، ثم سكر وأسلم، فقد يتضح الكلام هاهنا بعض الاتضاح، ولكن لا معول عليه مع حكم الفقيه بتصحيح الإسلام من السكران، وتنزيل أقواله وأفعاله منزلة أقوال الصاحي وأفعاله، ولسنا نفرع على هذا القول الضعيف؛ فإنه لا مستند له من القوانين.