وقيل: ذكر الشافعي هذا القولَ في مناظرةٍ جرت له مع محمد بن الحسن.

توجيه القولين: من قال: حكمُ النقاء الناقص عن أقل الطهر المحتوش بدمين هما حيض - أنه (?) حيضٌ. قال: إذا نقص عن الأقل، وأحاط به دمان هما حيض، حُمل النقاءُ على الفترات التي تقع في خلال استرسال الحيض؛ فإن الحيض لا يسيل سيلاناً متصلاً، بل يخرج دُفعة دُفعة، كما دلّ عليه بعضُ الأحاديث المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والذي يعضد ما ذكرناه أنّ الدم الناقص عن أقل الحيض دمُ فسادٍ، وحكمه حكم الطهر. والنقاءُ الناقص عن الأقل حكمه حكم فترات الحيض.

ومن قال: حكمها في زمان النقاء حكمُ الطاهرات، استدلّ بأنها نقية حسّاً، طاهرةٌ قطعاًً، والنقاء مجاوزٌ لأزمنة الفترات في العادات، فثباتُ الحيض ولا حيضَ بعيدٌ.

التفريع على القولين:

599 - إن قلنا: حكم النقاء حكمُ الحيض، فهذا يسمى ترك التلفيق، فإن رأت يوماًً وليلة دماًً [ومثله نقاءً] (?) ثم مثله دماًً، ثم مثله نقاءً، ثم هكذا، حتى انقطع على الخمسةَ عشرَ، ولم يجاوز، فالكل حيضٌ.

ولو رأت يوماًً وليلةً دماًً [وثلاثة عشر يوماًً نقاءً، ويوماًً وليلة دماًً] (?) ثم طهراً كاملاً، فهي حائض في الخمسةَ عشرَ يوماً، وإن كانت نقيةً في ثلاثة عشر يوماً.

ثم اختلف الأئمة في تفصيل مقدار ما تراه من الدماء: فقال بعضُهم: إنّما يكون النقاء الواقع بين الدَّمين حيضاً، إذا كان كلُّ واحدٍ منهما بالغاً أقلَّ الحيض، فإن نقصا أو نقص أحدهما عن الأقل، فلا يكون النقاء حيضاً، وهذا الوجه مزيَّفٌ.

وقال أبو بكر المحمودي (?): ينبغي أن يبلغ الدّمان إذا جمع أحدهما إلى الثاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015