القصاص إذا [جازت] (?) عن محل الجناية ضرورةً، والقطع من الكوع أهون من المرفق، فلا يمتنع القطع الذي يتضمن ترك بعض الحق من غير تعديدٍ في القطع يتضمن المثلة، كما ذكرناه في طلب لقط الأصابع.
ثم إذا قطع الكوع إما مبادراً، وإما بأن سوغنا له ذلك، فهل يجوز له الرجوع إلى حكومة الساعد، والقدرِ المقطوع من العضد؟ هذا ينبني على الخلاف في جواز القطع من الكوع، فإن منعنا ذلك، فليس له حكومة الساعد، وإن جوزنا القطع من الكوع، ففي سقوط حكومة الساعد وجهان: أحدهما - أنه يسقط؛ من جهة أنه أعرض عن حقه، مع التمكن منه. والثاني - له حكومة الساعد، وترْكُه لحقه في الساعد بمثابة عفوه عن القصاص، ولو عفا عن القصاص، لثبت له الرجوع إلى المال.
فإن قيل: هلا قلتم: له الرجوع إلى حكومة الساعد، وإن فرعنا على منعه من القطع من الكوع، لأنه تاركٌ حقَّه في قطع المرفق، ومستحقُّ القصاص يرجع إلى المال؟ فهذا [عفوٌ] (?) على كل حال؟ قلنا: لا ننكر كونَ هذا قياساً، ولكن أجرى الأصحاب إسقاط الحكومة تغليظاً على المقتص إن فعل ما ليس له أن يفعله، وأما الحكومة في مقابلة بعض [العضد] (?)، فإنها ثابتة في كل حساب؛ فإن التعذر في الاقتصاص محقق شرعاً، لا ينسب المقتصَّ إلى تركٍ.
واستشهد القفال لسقوط الحكومة في الساعد في صورة الوجهين بمسألة من القسْم تقْرُب فقهاً؛ وإن كانت تبعد تصويراً: [فللثَّيب إذا أرادت ثلاثةُ العقد] (?)، لا تحسب عليها من أدوار القَسْم، فلو أرادت أن يقيم الزوج عندها سبعاً -وهي مدة الأبكار- أجابها الزوج، وقضى السبعَ للباقيات، وبطل اختصاصها بالثلاث؛ لأنها تعدّت محلّ حقها، وحدَّ استحقاقها.