10437 - فأما إذا عفا أحد الوليين، فابتدر الثاني، وقتل، فلا يخلو: إما أن يكون ذلك [بدون العلم] (?) بالعفو، وإما أن يكون عالماً به، فإن كان مع العلم بالعفو، ففي وجوب القصاص على هذا المبتدر قولان مرتبان على القولين فيه إذا ابتدر أحدهما وقتل قبل عفو الثاني، ثم القولان بعد الترتيب مبنيان على المعنيين المذكورين في توجيه أحد القولين. فإن قلنا: المسقط للقصاص عن المبتدر الشركة، فهي زائلة بالعفو، وإن قلنا: المسقط خلاف العلماء، فهو قائم؛ فإن الذين صاروا إلى جواز انفراد أحد الوليين باستيفاء القصاص [نحَوْا به نحو حدّ القذف] (?) وزعموا أنه لا يسقط حق من لم يعف بعَفْو من عفا.
وكان شيخي يقول: الخلاف في نفس الشيء لا يوجب درءَ العقوبة سواء كانت لله أو للآدمي، فإنا لو جعلنا الخلاف في ثبوت العقوبة وانتفائها شبهةً دارئة للعقوبة، لما تصور الخلاف [في] (?) العقوبة، ولاقتضى إيجاب العقوبة مدركاً مستيقناً حتى لا تفرض عقوبة في مجال الظن.
فأما إذا كان الخلاف في إباحة السبب، فالمذهب الأصح أنه إذا كان (?) مساغٌ ولم يصادم أمراً مقطوعاً به، فإنه يدرأ العقوبة الثابتة لله، وهذا كخلاف ابن عباس في إحلال المتعة، وإن كانت العقوبة للآدمي كالقصاص في الصورة التي نحن فيها، فالخلاف هل يدرأ العقوبة؟ فعلى قولين؛ فإن حقوق الآميين أبعد عن السقوط من حقوق الله تعالى، ولا [يعدم] (?) الفقيه تقدير هذا.
ومما [نؤثر للفقيه] (?) التنبه له أن إسقاط القصاص مع العلم بالعفو في الصورة التي نحن فيها أقرب مأخذاً من إيجاب القصاص على المبتدر إذا لم يكن عفوٌ.