ولو عفا أحد الأولياء عن القصاص، سقط حقه وترتب عليه سقوط حقوق الباقين؛ فإن القصاص واحد، فإذا سقط بعضه، استحال استيفاء باقيه [مع] (?) الاقتصار على القدر المستحق، والسقوط أغلبُ في العقوبات إذا اجتمع فيها المسقط ونقيضه.
وذهب طائفة من علماء المدينة إلى أن القصاص من حقوق الورثة ينزل منزلة حد القذف، فلو ابتدره واحد منهم دون مراجعة أصحابه، جاز، ووقع الموقع، ولو عفا جميع الورثة إلا واحداً منهم، فله الانفراد باستيفاء القصاص، اعتباراً بحد القذف في مثل هذه الصورة.
وإنما ذكرنا مذهب هؤلاء لمسيس الحاجة إليه في ترتيب مذهبنا.
فلو قتل أحد الوليين قاتلَ أبيه منفرداً، ولم يراجع أخاه، لم يخل: إما أن يفعل ذلك قبل عفو أخيه عن القصاص، وإما أن يفعله بعد عفوه عن القصاص، فلو ابتدر واقتصّ قبل العفو، فقد نص الشافعي على قولين في أن القصاص يجب عليه؛ فإن استيفاء حق نفسه من القصاص غيرُ ممكن، ولا سلطان له في استيفاء حق أخيه، فلا يمكن [أن] (?) يقع قتله عن جهة الاستيفاء، لا في حقه، ولا في حق أخيه، وإذا لم يقع عن جهة القصاص، فإن قتله إياه بمثابة قتل أجنبي، ولو قتل أجنبي رجلاً استوجب القصاصَ، وجب القصاصُ عليه بقتله؛ فليكن الولي كذلك.
القول الثاني - وهو الأصح أنه لا يجب القصاص على الولي [المبادر] (?) القاتل، لمعنيين: أحدهما - أن القتل قصاصاًً مشترك بينه وبين أخيه، ولو كان الكل مستحَقاً لهذا المستوفي، لكان مستوفياً حقّ نفسه، فإذا ثبتت الشركة، فلا أقل من أن تنهض الشركةُ شبهةً في إسقاط القصاص عنه.
هذا أحد المعنيين، وهو أظهرهما.
والمعنى الثاني - التعلق بمذهب فقهاء المدينة [وهو] (?) أنهم جوزوا لكل واحد من