فابتدأنا بعد موت المجني عليه قطع يد الجاني، فأدى إلى هلاكه.
ولو قطع الجاني اليد، فقطعنا يده قصاصاًً، ثم مات المجني عليه، ومات بعده المقتص منه، فالنفس بالنفس أيضاً، وإن وقع القصاص قبل زهوق روح المجنيّ عليه، والمرعيّ فيما نرتبه أن يستأخر موت الجاني المقتص منه عن موت المجني عليه، حتى يكون القصاص المحكوم به بعد موت المجني عليه.
ولو قطع اليدَ، فقطعنا يده، فمات المقتص منه أولاً، ثم مات المجني عليه آخراً ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن نفس المقتص منه بنفس المجني عليه، كالصورتين المذكورتين قبل هذه. والوجه الثاني - أن النفس لا تقع بالنفس؛ [فإن] (?) زهوق روح الجاني تقدم على هلاك المجني عليه، والقصاص يستحيل وقوعه قبل وجوبه.
ومن قال بالوجه الآخر، انفصل عن هذا، فقال: لا ننظر إلى ترتيب المرتِّبين؛ فإن الموت خارج عن الاختيار، وهو من فعل الله تعالى، فلا نظر إلى التقدم والتأخر فيه، والذي يتعلق بالاختيار هو القطع، وقد جرى مرتباً، إذ سبق القطع ظلماً، وترتب عليه الاقتصاص.
ويمكن بناء هذا الخلاف على أنا هل نجعل الجرح قتلاً إذا أدى إلى القتل؟ وهذا قد سبق ذكره في أول الجراح في صورٍ: منها أن العبد إذا جرح عبداً، ثم عَتَق العبدُ الجارح قبل زهوق روح المجروح المظلوم، فهل نجعل العتق بعد الجرح قبل الموت كالعتق بعد [القتل] (?) المجهز؟ فعلى وجهين.
وكذلك القول فيه إذا جرح كافر كافراً ثم أسلم الجارح، ومات المجروح.
10425 - فإن قيل: قد تمهد من أصلكم أن سراية القصاص غيرُ مضمونة، وأن قَطْع يد المظلوم لو اندمل، وسرى قطعُ يد الجاني قصاصاً، فالسراية مهدرة، فلم أوقعتموها قصاصاًً في بعض الصور التي قدمتموها؟
قلنا: وقوع السراية [هدراً] (?) ليس أمراً مستحَقاً؛ فإن جرى لنا على القياس صرفُ