ومن أصحابنا من قال: إنه يرجع بها (?)، [بالمعنى] (?) الذي يرجع بالدية إذا غرمها. [والغائلة] (3) العظمى في المسألة أن الأصحاب قالوا: إن حكمنا بأن الضمان يجب على القاتل المستناب، فللعافي دية قتيله من تركة من قتله المستناب، وهذا لائح.

وإن قلنا: لا غرم على المستناب، فلا حق للعافي في تركة القتيل، فإنا لو أثبتنا الدية في تركته، وأهدرنا ديته، كان ذلك بعيداً.

وهذا ليس بشيء والوجه أن نقول: إن حكمنا بوقوع القتل قصاصاًً -وهو بعيد عن القياس- فلا شك أنه لا يثبت في تركته ضمان، فإن أخذنا المسألة من نفوذ العفو، وتمهيد عُذر المستناب وتنزيل ما جرى منه منزلة قتل الأسير في دار الحرب، فالوجه القطع على هذه الطريقة [بأن] (?) العافي يستحق الدية في تركة القتيل المقتول بعد العفو عنه، ثم يقع قتله هدراً من جهة وقوعه والقاتلُ معذور، كما ذكرناه في الأسير، حتى كأنه مات حتف أنفه، ولا نظر إذا لاح مسلك القياس إلى الاستعارات التي لا حاصل لها.

فإن قيل: إذا أوجبتم الدية في مال المستناب، فهي حالّة أم مؤجلة؟ قلنا: اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: هي حالة، فإنها مقتطعة عن قياس دية الخطأ وشبه العمد، وكذلك لم تضرب على العاقلة، ومنهم من قال: هي مؤجلة؛ فإن الدية إنما تتعجل إذا وجبت بسبب عدوان هو عمد محض، ولا ينسب المستناب إلى العمد المحض على وجه العدوان، وسنبين هذه القواعد في كتاب الديات، إن شاء الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015