بالكلية، حتى لو أراد الولي إسقاط القصاص على مال، لم يجد إليه سبيلاً، فهو بالخيار بين أن يقتص وبين أن يُسقط القصاص ولا مال له، وهذا كما أنه لو عفا أولاً عن القود، لم يتصور رجوعه إليه، وتعين حقه في المال.
والوجه الثاني - أنه لا معنى للعفو عن المال مع بقاء القود، فالذي جرى منه لغوٌ، وهو على خِيَرته، وكأنه لم يعف، والسبب فيه أنا وإن كنا نثبت المال أصلاً، فهو على قضية التبعية للقود، فيستحيل أن ينبتّ أثر المال مع بقاء القود.
والوجه الثالث - وهو اختيار شيخي أن العفو عن المال يُلحق هذا القول بقولنا: موجَب العمد القودُ المحض، وفائدة هذا أنه يملك [العفو عن] (?) القود إلى المال.
فلو رضي الجاني، واصطلحا عن القصاص على مالٍ، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لا يجوز المصير إلى المال مع التراضي، كما لا يجوز المصير إلى المال في حد القذف. والثاني - يجوز. وهو موافق لمذهب أبي حنيفة، ولعله الأصح، ووجهه أن القصاص في مقابلة [متقوِّم] (?) بالمال على الجملة وهو النفس، والتلف به يُتقوّم وليس كذلك [العرض] (?) في القذف، وإذا جاز بذل العوض في بدل الخلع للأجنبي، فهذا في الدم أجوز، مع ترغيب الشارع في إسقاطه.
ومما نفرعه على هذا القول أنا إذا قلنا: الواجب أحدهما، فلو قال: عفوت عن الدم والمال، فقد عفا عن حقه، ولو قال: عفوت عن الدم على أنْ لا مال لي، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه يسقط كما لو عفا عنهما. والثاني - لا يسقط؛ فإن قوله على أن لا مال شرط انتفاء وليس بنفيٍ على الحقيقة، وهذا ما إليه ميل كلام الصيدلاني.
وقال العراقيون في التفريع على هذا القول: لو قال: اخترت الدية، فقد تعينت الدية، فلا رجوع إلى القصاص، وهذا [قالوه] (?) قياساً، ثم قالوا: لو [قال] (?):