فصل

قال: "ولو فقأ عين عبد قيمته مائتان من الإبل ... إلى آخره" (?).

10357 - هذا الذي ذكره رضي الله عنه تقدير، فإن قيمة العبد تعتبر تحقيقاًً بالدراهم والدنانير، والمعنيّ بقوله: "إن العبد لو كانت قيمته" بحيث لو صرفه إلى الإبل، لبلغت مائتين.

ونعود إلى الغرض، ونقول: إذا جرح عبداً قليلَ القيمة، فعَتَق وسرت الجراحة إلى النفس، وأهلكته، فيجب على الجاني ديةُ حر؛ اعتباراً بالمآل.

وهذا أصلٌ متمهد على مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة (?): لا يلزمه إلا قيمةُ العبد، ولو كانت قيمة العبد أكثرَ من دية حر وبلغت مقدارَ ديتين، فإذا جنى جانٍ وقطع يديه، فعَتَق ومات، فمذهب الشافعي أنه يجب دية الحر، ولا مزيد؛ اعتباراً بالمآل.

وقال المزني: يجب على الجاني أرشُ اليدين، وإن بلغ مقدار ديتين، وهذا بعيد عن مسالك المزني؛ فإنه لا يرتضي إلا الأقيس وما يعضده أجْلى النظر، فلعله رضي الله عنه قال ما قال عن أصلٍ، وهو أن المولى يستحق الأرش على التفصيل الذي سيأتي ذكره على أثر هذا، فيستحيل أن يُصرف إلى السيد دية حر؛ فإنه لا يستحق إلا أرش ما يرد على الرق، فلما استحال حِرمان المولى، واستحال أن يصرف إليه من دية الحر، فالوجه قطع أثر الحرية، والمصيرُ إلى إيجاب أرش الجراح الجارية في الرق، فينقطع أثر السراية في هذا المسلك.

وهذا يناظر الوجه الذي حكيناه عن الإصطخري فيه إذا قطع يدي مسلم ورجليه، فارتدّ المجروح، [ثم عاد مسلماً] (?)، فإنه قال: تجب أروش الجراحات وإن زادت على ديات، فإنه لو نظر إلى السريان، لوجب الإهدار، فإذا امتنع الإهدار، وعسر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015