الجناية، قال الشافعي فيما نقله الربيع عنه: "يجب على الجاني في الجنين غرة كاملة".
وإيجابه الغرة يخالف النصّ الذي حكيناه في الجناية على المملوك مع إعتاقه؛ فإن الجنين حالة الجناية كان مملوكاً للشريكين، فقد صادفت جنايته نصفه مملوكاً له، ثم طرى العتقُ من بعدُ، فقياس ما قدمناه أنه لا يغرَم إلا نصفَ الغرة، وهو الذي كان مملوكاً للشريك.
قال الشيخ: اختلف أصحابنا في المسألتين على طريقين: فمنهم من قال: في المسألتين قولان نقلاً وتخريجاً: أحدهما - أن السيد لو جرح عبده، ثم أعتقه، فمات [يغرَم،] (?) ديته كاملة لورثته.
وإذا جنى على جنين مملوك، ثم عَتَق وسقط غَرِم الغرة كاملة.
والقول الثاني - أنه لا يجب الضمان لا في العبد إذا عتق، ولا في الجنين.
توجيه القولين: من قال: لا يجب الضمان في المسألتين -وهو القياس- احتج بأن الجراحة صادفت حالةَ الإهدار، فوجب إهدارها، والسراية بمثابتها، فصار كما لو جرح مرتداً أو حربياً، ثم أسلما. هكذا احتج الشيخ.
ومن قال بالقول الثاني احتج بأن قال: الجراحة وقعت محظورة، والاعتبار بالمآل في قدر الضمان، كما سنصفه، فليكن الاعتبار بالمآل في أصل الضمان، وليس ذلك كجرح المرتد والحربي؛ فإنهما مهدران عموماً، والجراحة فيهما لا تكون محظورة بعينها.
ومن أصحابنا من أقرّ النصين، وطلب الفرق بينهما، فقال: الجرح صادف العبد تحقيقاًً، ثم عَتَق، ولا تتحقق إصابة الجرح الجنين، فإنه مغيب، فنعتبر حالةَ انفصاله، ونجعل ما تقدم بمثابة [رميٍ] (?) وحالةُ الإصابة حالةُ الانفصال، كما سنوضح تفصيل المذهب فيه إذا [رمى] (?) إلى عبده، فأعتقه وأصابه السهم حُرَّاً.