والوجه القطع بأنه إذا لم يكن مواطأة، فلا قصاص عليهم أصلاً، والسبب فيه أن فعل كل واحد في نفسه ليس عمداً مقتضياً للقود، فإذا فرضنا ذلك من جميع، فلا جمعَ نفرض الكلام فيهم من هؤلاء إلا وهم شركاء واحدٍ يشار إليه، وفعلُه ليس عمداً في نفسه، ولا قصاص على شركاء الخاطىء، ولا على شركاء صاحب شبه العمد، فكيف ينساغُ تقدير [العمد فيما ذكرناه] (?)، ولا يصير إلى إيجاب القود من غير تواطؤ إلا مستهينٌ [بقواعد] (?) المذهب، أو غيرُ دَرِب بها.

فأما إذا تواطؤوا، فيجب أن يكون في وجوب القود وجهان: أحدهما - أنه لا يجب القصاص، وهو القياس؛ لأن إيجابه يؤدي إلى إيجاب القصاص على شركاء شبه العمد، وهذا [لا دراء له] (?)، وليس كما لو جرح كلُّ واحد جراحةً؛ فإن القصاص إنْ وجب عليهم، فكل واحد منهم عامد، وشركاؤه عامدون مشاركون عامداً، ولا بُعد في إيجاب القصاص على شريك العامد.

ومن صار إلى أن القصاص يجب عليهم إذا [تواطؤوا] (?)، احتج بأن هذا قصدٌ من جميعهم -بطريق التواطؤ- إلى القتل، فصاروا كالقاصد الواحد إذا والى عليه بالسياط، وقد يتعلق هؤلاء أيضاًً بالقاعدة الكلية في إفضاء نفي القصاص عنهم إلى الهرْج.

وهذا قد يجاب عنه بأن تواطؤ مائة أو مائتين على أن يضرب كل واحد سياطاً معدودةً غريب في التصوير، والذريعةُ هي التي يسهل تصورُها ويهون إمكانها، ويعم وقوعها.

وما ذكرناه من أن التواطؤ يجعل المقصود كالقصد الواحد يعضده ويؤيده أن الرجل [لو والى بين] (?) السياط حتى يفضي إلى الإهلاك، فالقصاص يجب وفاقاً، وكل ضربة لا تتصف بكونها عمداً محضاً في القتل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015