فيجب القصاص، وأما الضمان، فإنه يجب [إن لم يكن السبب مهلكاًَ] (?) أو لم يكن الملقي عالماً بالسبب المهلك.

وعلى الناظر أن يتدبر هذا، ويلتفتَ قليلاً إلى ما ذكرناه في فصول الجراح، حيث قلنا: إن من قطع أنملة إنسان، فأدت السراية إلى الموت، وجب القصاص على القاطع وإن لم يقصد القتل، كما أن الملقي لم يقصد الإلقاء على السكين، ولكن حصل أثر السكين بسبب الإلقاء، فهلا كان كما إذا حصلت السراية بالقطع حتى كأنها جزء من القطع والقطعُ جزء منها، وليس [القتلُ] (?) إلا بالسيف أو بالسكين متصلاً بسبب القطع؛ قلنا: الفرق أن السراية متصلة بالإلقاء، ولكنه وفاقٌ جرى، فانفصل عن الإلقاء، فإذا لم يكن معلوماً، لم يجب القصاص، وإن قصد الإلقاءَ على السكين، [فالإلقاء مخرَج] (?) من البين، والعمل مقصور على جرحه بالسكين.

ونقل المعلّقون عن القاضي أنه قال فيما يقتل: إن [التقمه الحوت قبلَ أَنْ أصاب الماء،] (?) كان أخرج رأسَه من الماء، فلا يجب القود على الملقي، بخلاف ما لو مس الماء، فالتقمه الحوت، وقرر أنه إذا مس الماءَ، فقد صادف السببَ المهلك، فلا التفات على الالتقام إلا على قول الربيع إذا اختطفه الحوت قبل أن يلقى الماء، فلم يحصل من السبب الذي قصده شيء، وإنما جرى سبب آخر، وهذا حكاه القاضي عن الأصحاب، ولم أر لهذا التفصيل ذكراً في شيء من الكتب.

والوجه عندنا القطع بوجوب القصاص، أو تنزيل هذا منزلة ما لو [لقي] (?) الماءَ ثم التقمه الحوت، وذلك أن الملقَى لم يبق منه اختيار أصلاً، ولا أثر لمصادفة الماء، فإن الماء بنعُومته ولينه لا يقتل من يصادمه، وإنما القتل بالغرق، أو بسبب آخر بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015