10289 - وقد انتجز تمام البيان في ذلك ولا يعترض عليه شيء به احتقال إلا نصُّ الشافعي رضي الله عنه في الأطراف، فإنه قال: "لو جرح رجل يد رجل، أو أبان بعضها، فتأكّلت الجراحة، وأفضت إلى سقوط اليد، فلا قصاص" (?) "ونصّ على أن من أوضح رأس رجل، فذهب ضوءُ عينه وجب القصاص" (?).
فنصّه في نفي القصاص على الجرح المفضي إلى تأكّل العضو ينافي ما اعتمدناه في الجراحات، حيث قلنا: إذا تحققنا حصول الموت بالجرح، أوجبنا القصاص، وقد تيقّنا أن [سقوط اليد ترتب] (?) على الجرح.
والذي أطلقه الأصحاب في ذلك أن أجرام الأعضاء لا تُقصد بالتأكّل [كالروح تقصد بسراية الجراحات،] (?) والْتحق ضوء المناظر بالروح لمّا لطُف، وهذا مسلك [رديءٌ]، (?) جدّاً.
وقد قال الشيخ أبو علي والعراقيون: من أصحابنا من [جعل] (?) في سقوط الطرف وذهاب ضوء العين قولين: نقلاً وتخريجاً: أحد القولين - أن القصاص يجب فيهما، والقول الثاني - لا يجب القصاص فيهما.
ولا يوافقُ الأصلَ الذي مهدناه، وأردنا تنزيل المسائل عليه إلا إيجابُ القصاص في الأطراف واللطائف، جرياً على ما تقرر؛ وذلك لأن الأطراف معصومةٌ بالقصاص، قصداً، لا على سبيل التبع، ولذلك شبهها بالنفس في إيجاب القصاص على المشتركين وإن لم يصدر من واحدٍ منهما تمامُ الجناية، وتعلّقُ سراية الجراحة بجرح الجارح أعظم من تعلّق فعل الشريك بالشريك.