بعمد؟ ثم تولّع بالجَرْح والجرحُ تقطيع، ولو والى بالمثقلات على إنسان حتى ترضضت عظامه وراء الجلد، فقد حصل التقطّع، وبالجملة مذهبه خارج عن مسالك العقول.
10285 - فأما ضبط مذهبنا، فالكلام ينقسم في [الأسباب] (?) غير [المذفِّفة] (?): إلى ما يتعلق بالظواهر ولا يجرح، وإلى الجراحات.
فأما ما يتعلق بالظواهر، فالذي أطلقه الأصحاب فيه أن كلَّ ما يُقصد به القتلُ غالباً، فهو العمد إذا تجرد القصد إليه، ثم سنوضح أن هذا يختلف باختلاف الحال والأشخاص والأوقات.
وما لا يقصد به القتل غالباً، فليس بعمد، وإنما هو شبه عمد، وكان شيخي يقول: العمد المحض في هذه الأسباب يتحقق فيما يكون القتل مقصوداً به، وشبه العمد [ما لا يكون القتل مقصوداً به] (?)، ثم قد يفضي إلى القتل، وهذا كلام منتظم في هذا القسم، ولم نذكره لنعوّل عليه، وبيان الفصل موقوف على نجازه.
فأما الجراحات، وفيها معظم المقصود، فقد أطلق الأصحاب أن من قطع إصبعاً أو أنملةً، وسرت الجراحةُ، وترامت السراية إلى الزهوق، فالقصاص واجب في النفس، ونحن نعلم أن إفضاء قطع أنملة إلى الروح لا يعد [مما] (?) يغلب، بل هو [نادرٌ] (?)، فلا يطَّرد إذاً في الجراحات ما ذكرناه من الأسباب المتعلقة بالظواهر من قصد القتل غالباًً، وهذا مما يتمسك به أصحاب أبي حنيفة في مسألة القتل بالمثقل، [ولا شك] (?) أن أمثال ما ذكرناه في الجراحات ليس مما يقصد به القتل، وتعلّقَ القصاصُ به، فتبين أن القصاص نيط بالجرح بعينه، وأنه سبب القصاص لا غير،