كان الذكر قريباً والأنثى بعيدة، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن الذكر أَوْلى نعني الذكر الذي هو من أهل الحضانة.
والثاني - أن الأنثى أولى، نعني الأنثى التي هي من أهل الحضانة لو انفردت.
وإذا فرض ذكر من درجة قريبة، وأنثى من درجة بعيدة، فالوجهان جاريان، كالأخ والخالة، ولو روجعنا في [خاتمة] (?) الكلام في ذكورِ أرحام ليسوا ورثة، وهم أصحاب محرمية، كالخال والعم من الأم، فالوجه أن نقول: نقدرهم إناثاً، ونقدم منهم من كنا نقدمه لو كان أنثى.
وكل ذلك في نوع واحد: وهو أن يتنازع المجتمعون في الحضانة، والمعنيّ بالحضانة في جميع ما ذكرناه حفظ الولد قبل التمييز. وفيه مجرى تقديمنا وتأخيرنا.
10246 - فأما إذا ظهر تمييز المولود، فقد مهدنا في أصل الباب أنه يتخير بين الأم والأب، مع القطع بأن الأم مقدمة على الأب في حفظ المولود قبل التمييز.
فلو فرض عم وأم، وقد ظهر تمييز المولود، فهل نخيره بين الأم وبين العم، أو الأخ، وكل ذكر يقع حاشية؟ في المسألة وجهان: أظهرهما - أنا نخيره، وإن كانت الأم مقدمة في أصل الحضانة قبل التمييز، كما خيرناه بين الأب والأم، واستدل الشافعي في صدر الباب بما رَوَى عن عمارةَ الجرمي " أنه قال: خيرني عليٌّ بين عمي وأمي، ثم قال لأخٍ لي أصغر مني: وهذا لو بلغ خيّرته " (?). وقال في الحديث: وكنت ابن سبع أو ثمان.
والوجه الثاني ذكره الشيخ والعراقيون- أنا لا نخيره، ويجعل كأن الأم منفردة؛ فإن التخيير بين الوالدين قد يَقْرُبُ، [فأما الأم] (?) -وهي الأصل- والعم، فيبعد التخيير بينهما. وأصل التخيير مأخوذ من الخبر، وحديث الرسول صلى الله عليه في التخيير بين الأبوين.