رام منهم القيامَ بحفظ مولودٍ، فقد لا يستقل به دون الاستعانة بامرأة، فخرج من ذلك أن الإناث على الجملة أولى بالحضانة.
فإذا تمهد هذا فنقول: الأم وأمهاتها على الوصف المقدم مقدماتٌ على الأب، فالجدة العالية من قبل الأم مقدمة على الأب، باتفاق الأصحاب، وإذا قُدِّمت على الأب، لم يخْفَ تقدمُها على الجد وسائر الذكور.
وأما الجدات من قبل الأب إذا اجتمعن مع الأب، فظاهر النص الذي نقله المزني أن الأب مقدم عليهن. قال الشافعي: " لا يقدم على الأب إلا الأم وأمهاتها " (?)، فالأب إذاً على هذا مقدم، ووجهه أن الجدات مُدْلياتٌ به، فيبعد تقدم المُدْلِية على أصلها.
وحكى بعض أصحابنا قولاً آخر مخرّجاً أن أمهات الأب مقدمات -وإن بعدن- على الأب، لمكان الأنوثة والأمومةِ والاستقلالِ التام بمقصود الحضانة، ولا نظر إلى الإدلاء مع ما أشرنا إليه من المزيّة التي تنبني الحضانة عليها، وهي الشفقة والتهدّي، والإناث أشفق وأهدى، كما قدمنا.
ولو اجتمع مع الأب الأخواتُ والخالاتُ، فكيف السبيل فيه؟
نبدأ بالأخوات ونقول: إن جرينا على الترتيب الجديد في الإناث، فالجدات من قبل الأب مقدمات على الأخوات. فإن قدمنا الأبَ على الجدات، فلأن نقدمه على الأخوات أولى، وإن قدمنا الجداتِ على الأب، فهل نقدم الأخوات على الأب؟ فعلى ثلاثة أوجه: أحدها - أنا نقدمهن [للأنوثة] (?) وقوة القرابة، كما قدمنا أمهات الأب، وإن كن مُدْلِيات بالأب.
والثاني - نقدّم الأبَ عليهن؛ لأنه أصل، وهن فروع.
والوجه الثالث - أنه تقدم أخت الأب والأم، وأخت الأم، ولا تقدم أخت الأب، لأنه لا تعلق لها إلا بالأب، وهي فرع لا أمومة لها.