فهذا هو المعتبر [ولا شك] (?) [وهذا] (?) الأصل مع اختلاف المذاهب واحد، وهذا [كما أنا رأينا] (?) اعتبار القُرب في النفقة أولى المسالك.
ثم إن اتجه التَّدْوار على هذا المعنى، طردناه، وإن بعدت الدرجات ودقّ النظر في التفاوت في الشفقة، امتزج بالكلام اعتبار قوة القرابات، ويثور إذ ذاك وجوه التردد.
ومن الأصول اللطيفة أن النفقة اختُصَّت بالبعضية؛ إذ ليس في قطع تعلقها بالقرابة العامة ما يؤدي إلى تعطيل، فإن لأصحاب الحاجات أموالاً معتدة من جهات، والحضانة يعسر إقامة الأجانب والأجنبيات بها، فحَسُنَ ألاّ تُقْصَر على جهة في القرابة؛ فإن القريب وإن بعد أولى بالحدب من الأجنبي.
10236 - وإذا تمهد هذا، فالذي اعتبره في الجديد -مأخوذاً من الشفقة- أن الأمهات أولى النساء بالشفقة، والجدات من قِبل الأب رآهن -في الجديد- لمكان الأمومة والبعضية القائمة والاستنادِ على عمود النسب أولى من الأخوات بالشفقة، وهذا يبعد إنكاره في أحكام العادات، وموجَب الجبلاّت، ثم صوّر عدمَ الجدات، ولم يصادف على عمود النسب غيرَهن، فمال إلى الواقعات حاشيةً، ورأى الأخوات مقدماتٍ؛ لأنهن أشفق على المولود من الخالات، وهن أقرب، وقرابتهُن أقوى، ثم اعتبر الخالات، ورآهن مقدّمات على العمات لإدلائهن بالأمهات، فهن من الأمهات كأمهات الأم، والعمات كأمهات الأب.
فهذا سبيل تعليل القول الجديد.
وأما وجه القول القديم، فينشأ من القاعدة التي ذكرناها أيضاً، لكنه قدم الأخوات والخالات؛ لأنهن متصلات بقرابة الأم، فرأى قرابةَ الأم أحق بالشفقة، فاستوعب المتصلات بها، ثم رجع بعدهن إلى أمهات الأب، وأخَّر العمات عنهن؛ فإنهن يقعن حاشية.