فصل
10230 - ألحق الفقهاء رضي الله عنهم حقَّ الحضانة بالولايات، ولذلك قُدّم القريب على البعيد، غيرَ أنها تثبت للإناث، بل الإناثُ بها أولى على الجملة، كما سيتضح ذلك في التفاصيل، والولايات في غير ذلك مختصة بالرجال، والسبب فيه أن مقصود الولايات يليق بالرجال لتعلقه بالتصرف والتبسط، وهذا لا يتأتى من النساء، وحقهن أن يلزمن خدرهن ويُفوّضن إلى الرجال أمورَهن.
وأما الحضانة، فالنساء بمصالحها أعرف، [ولو حاولها] (?) الرجل، لأعياه أمرها ما لم يستعن بامرأة، فانفصلت الحضانة عن الولايات، لما ذكرناه.
واشتراطنا الصفات التي ذكرناها في الحاضنة والحاضن يشهد لالتحاقها بالولاية.
ثم من قولنا في الولاية: إن القريب المستحِق لها لو غاب وحضر البعيد الذي هو من أهل الولاية لولا القريب، فالولاية لا تنتقل إلى البعيد، بل يقوم بها السلطان -إن مست- قيامَ نيابة قهرية، كما قدمنا تقرير ذلك في كتاب النكاح.
وما ذكرناه يجري في ولاية التزويج والإنكاح إذا غاب الأقرب وهو الأبُ، وشهد الجدُّ أبُ الأب، ويمكن فرض ما ذكرناه في غير الأب والجد من العصبات، إذا كان الكلام في ولاية التزويج.
10231 - فأما الحضانة فإذا غاب عنها القريبُ المقدمُ لو حضر، وشهد البعيدُ المستحق لو لم يكن القريب، فالذي قطع به أئمة المذهب أن حق حضانة المولود يثبت للبعيد بخلاف سائر الولايات، وفرّقوا في ذلك فرقاً واضحاً، فقالوا: النظر في التزويج وحفظ المال يتهيّأ من السلطان بنفسه أو بإقامته غيرَه مقام نفسه.
وأما الحضانة فمبناها على الشفقة المستحَقَّة على إدامة النظر؛ إذ الصبي غير المميز يحتاج في كلاءته إلى شفيق به، وقد قلنا: لا يزوج السلطان الصغيرة؛ لأن مبنى تزويجها على كمال الشفقة، ويلي مالَها؛ لأنه لو خُلِّي عن النظر، لتعطل، ولو بُلي