قال بعض أصحابنا: هذا البناء غير صحيح؛ فإنه جرى ما هو انقضاء عدّةٍ في الظاهر، ولم يظهر أمر مخالف له، فلو كان مأخوذاً من الوقف، لقيل هذا العقد يصح قولاً واحداً.

فالوجه أن نبني القولين على أصل آخر، وهو أن من شك في صلاته في عدد الركعات مثلاً، فإنه يبني على المستيقن ويتمادى في صلاته، ولو شك بعد الفراغ من الصلاة: أصلى ثلاثاً أم أربعاً؟ ففي المسألة قولان: أحدهما - أنه لا يلزمه الالتفات على شكه، وقد انقضت الصلاة على حقها، ثم من يُلزم تتبع الشك بعد الفراغ، فتفصيله مذكور في كتاب الصلاة.

ووجه تشبيه ما نحن فيه بذلك أنها لو ارتابت في أثناء العدة؛ فإنها لا تنكح، وإن انقضت صور الأطهار على ظاهر المذهب، وكانت مؤاخذة بتلك الريبة كما يؤاخذ المصلي، فإذا ارتابت بعد انقضاء ما به الاعتداد، كانت كالمصلي يرتاب بعد التحلل عن الصلاة ظاهراً.

ثم ينشأ من اختلاف الأصحاب في مأخذ القولين ما نصفه، فإن حكمنا بأن القولين مأخوذان من وقف العقود، فلو طرأت الريبة في أثناء العدة ونكحت، ثم تبين أنه لم يكن حمل، فالمسألة تخرج على القولين؛ فإن وقف العقود لا اختصاص له بصورة، وإنما هو تردد ثم تبيُّنٌ.

وإن أخذنا القولين من شك المصلي، فإنا نقول: لو طرأت الريبة في أثناء العدة، ثم جرت العدة ونكحت على الريبة، ثم تبينت براءة الرحم، فلا نقضي بصحة النكاح.

فانتظم مما ذكرناه أنها إذا ارتابت ونكحت، وبان أنها كانت حاملاً حالة النكاح، فلا إشكال في فساده، وإن بأن أنها بريّة، وقد تقدمت الريبة، فثلاثة أقوال: أحدها - الفساد كيف فرض الأمر، والثاني - الصحة. والثالث - الفصل بين أن ترتاب في العدة، وبين أن ترتاب بعد انقضائها، وكل ذلك طريقةٌ.

ومن أصحابنا من قال: إذا تبين أنها كانت بريّة، فالنكاح منعقد قولاً واحداً، وليس ذلك من وقف العقود، فإن النكاح مستند إلى عدةٍ ظاهرة والريبة خَطْرة، فإذا بان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015