كان ذلك كذلك، فلا وجه فيها إلا الاتباعُ، وقد أوضحنا أن فحوى القرآن يقتضي في هذه الآية ألاّ يكتفى بالأشهر، فإذا سَلّم من يخالف في ذلك انقطاعَ الحيض بعلّة، فكل شابّة ترتفع حيضتها لا ترتفع إلا بعلة؛ فإنها بخروجها عن [اعتدال] (?) البِنْية تتقاعد (?).

ولما لم يكن استئخار الحيض عن البلوغ معتبراً، وكانت ملتحقة بالصبيّة، لم يفرق بين أن يكون ذلك لعلة ظاهرة وبين أن يكون لأمرٍ خافٍ، تعويلاً على قوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].

9783 - هذا بيان الأقوال في الأصل، ونحن نفرع عليها، فنقول: إن رأينا أن نأمرها بالتربص تسعة أشهر والاعتدادِ بعدها بثلاثة أشهر، فلو أنها رأت الدمَ في خلال مدة التربص بالأشهر التسعة، فإنها تنتقل إلى الأقراء؛ فإن هذه المدة ضربت لانتظار الحيض، فإذا عاد، فهو المقصود، ثم إن استمرت الأقراء بها، فذاك، وإن انقطعت، وارتفع الحيض، فقد أجمع المفرعون على أنا نأمرها بأن تستفتح التربصَ تسعةَ أشهر أخرى، ثم تعتد بعد هذه التسعة الأشهر بثلاثة أشهر؛ وسبب ذلك أن الأشهر التسعة مقصودُها طلبُ الحيض؛ فإذا رأت الدم، فهو الأصل، فإذا ارتفع، احتجنا بعده إلى طلبٍ جديد، وانتظارٍ مبتدأ، هذا إذا رأت الدمَ في أثناء التسعة الأشهر.

فأما إذا انقضت التسعةُ، وشرعت في الاعتداد بالأشهر، فمضى شهر مثلاً، فرأت الدم، ردّت إلى الدم، فإن استمرت الأقراء، فذاك، وإن ارتفع الحيض أطلق المفرعون إيجاب التربّص على الابتداء تسعةَ أشهر، لِما بنينا عليه الكلامَ من أن الحيض مطلوبٌ، وسبيل طلبه وانتظارِه في هذا القول ما ذكرناه.

وهذا ينتظم بسؤال وجواب عنه: فإن قيل كانت التسعةُ الأشهر لاستفادة غلبة الظن في براءة الرحم؛ فإنّ الحمل لو كان، لظهر في هذه المدة، فإذا حاضت، فالعود إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015