فإذا كنا نتوهم عَوْد الحيض بزوال العلة، فلا وجه إلا انتظار ذلك، فإن تمادى الانتظارُ حتى انتهت إلى سن اليأس، فتعتد إذ ذاك بالأشهر، وتندرج تحت قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] الآية.
9782 - وإن ارتفعت حيضتها من غير سبب وعلة ظاهرة؛ فللشافعي ثلاثة أقاويل في اعتدادها: قولان في القديم، وقول في الجديد ونجمع الأقاويل: أولاً قولان: أحدهما - وهو المنصوص عليه في الجديد أنها تنتظر سن اليأس، ثم تعتد إذا انتهت إليه بثلاثة أشهر.
والقول الثاني - أنها لا تنتظر سن اليأس، وعلى هذا القول قولان منصوصان في القديم: أحدهما - أنها تتربص تسعة أشهر، ثم تعتد بثلاثة أشهر ثم تنكِح، وروي مثل ذلك عن عمر (?): " قضى به في التي ارتفعت حيضتها "، وقلّده الشافعي في القديم، وكان يرى إذ ذاك تقليدَ أئمة الصحابة، وقال في القديم في توجيه ذلك: أمير المؤمنين قضى به بين يدي المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه أحد، وأشار أيضاً إلى أن الحمل في الغالب لا يمكث في البطن أكثرَ من تسعةِ أشهر، فوقع الاكتفاء بذلك في الاستظهار.
والقول الثاني - أنها تتربص أربعَ سنين، ثم تعتد بثلاثة أشهر، وتنكِح؛ إذ الحمل قد يمكث في البطن أربع سنين، فبلّغنا أمد الاستظهار مبلغاً يفيدُنا يقينَ البراءة، ثم لا بد من العدّة بعد ذلك تعبداً، فتتربص ثلاثة أشهر.
ثم أنكر الشافعي في القديم على القولين الردَّ إلى سن اليأس لما فيه من المضرّة العظيمة واستمرار الأَيْمة (?) في معظم العمر، ثم إذا بلغت سنَّ اليأس، تقاعدت الرغبات عنها، ويعظم الضرر على الزوج من مؤونة العدة.